في ذكرى التعريب.. هذا هو جيشنا..

 

      نعم.. هذا هو جيشنا.. هذا الجيش العربي الأردني, الذي انتشل عزمه وسلاحه من أحلك الأيام وأصعبها, تلك الأيام التي تلت المؤامرة الاستعمارية – الصهيونية, على الثورة العربية الكبرى, وقيادتها.. حيث بدأ من الصفر وعاد ليحارب في الأربعينيات في سوريا والعراق, وحارب في أواخرها في فلسطين وعلى أسوار القدس, ثم حارب بعد تحرير إرادته وتعريبه على كل أرض عربية دفاعاً عن مبادئ الثورة العربية الكبرى ودفاعاً عن النهضة ذاتها التي ناد بها أحرار العرب وقادها الهاشميون بشرف وعزة.

 

       نعم.. هذا هو جيشنا.. هو الجيش العربي الأردني الذي يستعد ويحشد للمعارك المقبلة, فجيشنا منذ مطلع العشرينات وحتى الآن استمراراً طبيعياً تلقائياً يحمل الراية من جيل إلى جيل, لم يتغير ولن يتغير بإذن الله, ولم ينقل بندقية الولاء من كتف إلى أخرى, من أيام الحسين بن علي إلى أيام عبد الله الثاني ابن الحسين.. هذه الاستمرارية هي التي أعطت للجندي العربي الأردني بوصلة العمل القومي, وعتقت في عروقه تقاليد القتال وروحيته, وفتحت أمام عينيه صورة الوطن الكبير, لا صورة الصنم ولا صورة الحزب, ولا صورة المستوردات الفكرية والعقائدية, وشرعت أذنيه على سماع الهتاف الخالد الوحيد, أيها العرب تحرروا واتحدوا..

 

       نعم.. هذا هو جيشنا.. هو الجيش العربي الأردني صاحب الصورة المشرفة المطبوعة عنه في أذهان العالم, على أنه جيش عسكري محترف عالي الكفاءة وشديد الانضباط, وله وزن حقيقي في حسابات الأصدقاء والأعداء سواء بسواء, وهي السمعة التي لم يكتسبها عن طريق الحملات الإعلامية والدعائية أو نشاط العلاقات العامة, بل نتيجة للممارسات والتجارب العملية التي مر بها من خلال تاريخه الطويل منذ تأسيس المملكة.

 

       نعم.. هذا هو جيشنا.. هو الجيش العربي الأردني, الذي لم ينغمس في الحكم والمؤامرات وبالتالي لم يتعرض للتطهير تلو التطهير كما تعرضت بعض الجيوش العربية التي تم جرها من ثكناتها وميادين تدريباتها واستعدادها إلى دهاليز السياسة والحكم حتى وجدت نفسها تستعمل السلاح لحماية الضباط الذين فرضوا أنفسهم حكاماً وقادة سياسيين على رأس الدولة والأحزاب والأجهزة الإدارية والسياسية, لا لحماية أوطانهم من الأخطار وحفظ أمنها واستقرارها.

 

       نعم.. هذا هو جيشنا.. هو الجيش العربي الأردني.. الذي يواصل التدريب دوماً ويحمل البندقية بيد ويمارس البناء والإنتاج باليد الأخرى, كلما كانت هناك مهمات صعبة تتطلب الإنجاز.. فها هو سلاح الهندسة الملكي شق الطرق وبنى الجسور ومد أنابيب المياه.. وهذه الخدمات الطبية الملكية قدمت وما زالت وستبقى بإذن الله تقدم أفضل الخدمات لقطاع عريض من أبناء الشعب الأردني والعربي والدولي.. ناهيك عن مدارس القوات المسلحة التي خرجت آلاف الطلبة من جميع الفروع الأكاديمية المهنية من مختلف الاختصاصات ومشاريع الإسكان التي نفذها وكانت في مقدمة المشاريع الإسكانية في المملكة وقبل أن توجد مؤسسة الإسكان المدنية, وكذلك المؤسسات العسكرية الاستهلاكية والتي أصبحت رائدة في توفير السلع الأساسية بأسعار معقولة لأفراد القوات المسلحة وعائلاتهم وفي كل مكان على مد أرض الوطن.

 

       إذن.. في ذكرى يوم التعريب, نقول هذا هو جيشنا, جيش ليس مكلفاً فقط بحراسة أرض الوطن وتوفير الحماية للمسيرة الإنمائية بل هو إلى جانب ذلك ومعه, مشارك في تنفيذ هذه المسيرة بشكل مباشر وفاعل في كل مناحي الحياة, في البناء والتشييد وشق الطرق والمرافق العامة, والإسكان والصحة والتعليم والتدريب المهني وغيرها الكثير الكثير..

 

       وختاماً, ففي ذكرى يوم التعريب نقول لجيشنا العربي الأردني هنيئاً لك.. وهنيئاً لنا جيشنا المستعد دائماً لبذل الدم والتضحية عندما يتعرض الوطن للخطر, وتقديم الجهد والعرق بهمة ونشاط وإخلاص عندما يطلب الوطن البناء والتطور.. ونقول لكل العالم بفخر واعتزاز هذا هو جيشنا.. هذا هو الجيش العربي الأردني.

moeenalmarashdeh@yahoo.com