دستورية المساءلة المجتمعية

تعد المساءلة المجتمعية احد اركان الحكم الديمقراطي، وعنصراً جوهرياً من عناصر الحاكمية الرشيدة التي تقوم في أساسها على المكاشفة والتشاركية، فالجهود الجماعية التي يبذلها المواطنون وممثلو المجتمع المدني، في الرقابة غير الرسمية على الحكومات، تعد احد اهم الوسائل التي يمكن من خلالها تقييم وتحليل الاستراتيجيات والسياسات التي تتبناها الحكومات والتعرف على مدى فاعليتها وتلبيتها لمتطلبات افراد المجتمع، كما انها تعد الوسيلة الامثل للتعرف على سبل تطوير وتحسين تلك السياسات، بما يحقق التنمية المستدامة ويوفر نوعية حياة افضل للمواطنين من كافة الشرائح ومختلف المناطق. لقد كفل الدستور الاردني حق المساءلة، في المادة (17) منه حيث نص على حق الاردنيين في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من امور شخصية او فيما له صلة بالشؤون العامة، وهذا يعكس حرص الدستور على اهمية ممارسة المساءلة المجتمعية، لان ذلك سيؤدي الى الالتزام بتطبيق احكام القانون، والتحقق من عدم اساءة استخدام السلطة، وزيادة فعالية اداء الحكومات، وتقديم الخدمات الاساسية للمواطنين بطريقة عادلة ومنصفة، كما انه يساهم في تعزيز الشفافية، والكشف عن القصور وعن حالات الفساد، ويؤدي الى تطوير سياسات العمل داخل الدولة، وتحقيق التوازن داخل مختلف مؤسساتها. فالمساءلة تعد العدسة التحليلية التي يمكن من خلالها أمعان النظر في البرامج والاستراتيجيات والسياسات القائمة لجعلها اكثر فعالية.
ولكي يتمكن المواطنون من ممارسة حقهم في المساءلة، فلا بد ان يتم تثقيفهم وتوعيتهم حول حقوقهم والتزاماتهم تجاه الدولة، كما يستلزم الامر اطلاعهم على ظروف اتخاذ القرار، والاهداف المتوخاة منه، حيث يتعذر على المواطن ممارسة حقه في المساءلة دون توفر المعلومة لديه.
تعد المبادرة التي نفذتها هيئة مكافحة الفساد ووزارة الصحة والمجلس الصحي العالي بدعم من برنامج الامم المتحدة الانمائي بانشاء البوابة الالكترونية «شارك» احد ابرز الوسائل التي يمكن من خلالها تعزيز مشاركة المواطنين في الرقابة على جودة الخدمات ونزاهتها، وتنمية قدرات المواطنين في التعبير عن احتياجاتهم، وكشف الفساد الذي قد يعتريها، باستخدام احدث اساليب تكنولوجيا المعلومات والإتصال.
ويؤكد استحداث هذه البوابة اهمية التركيز على مفاهيم التشاركية والمكاشفة وتفعيل المساءلة المجتمعية من خلال تقديم الشكاوى والتظلمات حول مستوى الخدمات الصحية ونوعيتها. وتقديم المقترحات من قبل المواطنين والاستماع الى وجهات نظرهم الخاصة بتطوير هذه الخدمة، وتحسينها بما ينسجم والامكانات المتاحة.
فالمواطن هو محور عملية التنمية وهدفها، ولا بد من العمل دائماً على توفير قنوات اتصال مرنة ما بين المواطن واجهزة الدولة، للتعرف على مدى قبوله لنوعية ومستوى الخدمات المقدمة، والتعرف على المقترحات الخاصة لتحسينها من متلقي الخدمة ذاتهم.
رحم الله امرئاً اهداني عيوبي..
عضو مجلس هيئة مكافحة الفساد