خلاف بعثي شيوعي بسبب المالكي يتهدد ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية
كتب: شاكر الجوهري
يتجه إئتلاق الأحزاب القومية واليسارية في الأردن نحو الإنفراط، على خلفية تناقض المواقف من ثورة العراقيين، على نظام نوري المالكي في محافظات يغلب على مواطنيها اعتناق المذهب السني، مع ملاحظة أن الأردنيين لا يوجد من بينهم من اعتنق المذهب الشيعي غير قلة قليلة نجحت أطراف ايرانية في تأليف قلوبهم، سياسيا، بأكثر منه عقيديا.
وكان هذا الإئتلاف قد تشكل على حساب وحدة لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة التي كانت تضم الأحزاب الستة التي تشكل منها إئتلاف الأحزاب القومية واليسارية، مضافا لها حزب جبهة العمل الإسلامي، حيث دب الخلاف بين الأحزاب الستة والإسلاميين على خلفية الموقف من الثورة السورية.
وفي الحالتين، يلاحظ المراقبون أن موقف الحزب الشيوعي الأردني هو الأكثر حدة وشراسة في التعبير عن الخلاف الذي يأخذ طابعا دينيا ومذهبيا، متجاهلا الحزب، وقافزا من فوق حقيقة أنه حزب غير ديني، ولا يؤمن بجميع الأديان، التي نصّب نفسه حكما في خلافات ناشبة بين اتباعها..!
الخلاف تفجر في الإجتماع الأخير للجنة إئتلاف الأحزاب القومية واليسارية، التي أقامت دائما أوطد العلاقات مع أنظمة الحكم في ليبيا، وإيران، وسوريا، واصطفت إلى جانب إيران في حرب الثمان سنوات مع العراق.. واتخذت مواقف معادية لكل الحراكات الشعبية العربية التي استهدفت أنظمة الرؤساء حسني مبارك في مصر، وزين العابدين بن علي في تونس، وعلي عبد الله صالح في اليمن، وبشار الأسد في سوريا، وتصطف اليوم إلى جانب نظام نوري المالكي في العراق، مجادلة في أنه هو الآخر داعم للمقاومة في فلسطين، وأن الثورة في العراق ما هي إلا مؤامرة اميركية اسرائيلية على العراق، وكل الأمة العربية.. متجاهلة الكيفية التي وصل بها المالكي إلى السلطة في العراق..!
خلاف بعثي ـ شيوعي
في ذلك الإجتماع، تقول المصادر، برز الخلاف جليا واضحا بين حزب البعث العربي الإشتراكي وبقية الأحزاب.. خصوصا الحزب الشيوعي، الذي اعتبر البعثيون موقفه هو الأسوأ.
وقرر حزب البعث العربي الإشتراكي عقد اجتماع قريب لقيادته لبحث الموقف واتخاذ قرار مرجح أن يكون بالإنسحاب من ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، ويمثل توطئة لالتقاء الحزب مجددا مع الحركة الإسلامية ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها جبهة العمل الإسلامي، وهما الحزب الأكبر في الأردن، من مجموع الأحزاب والقوى الأخرى.
وتضيف المصادر أن قاعدة حزب البعث التي كانت تعترض اساسا على اصطفاف حزبها إلى جانب الأحزاب القومية واليسارية الأخرى التي تنحاز إلى جانب النظام السوري، تضغط الآن على قيادة الحزب باتجاه الإنسحاب من هذا الإئتلاف الذي أخفق في جمع أكثر من عشرات قليلة من اعضائه في أي مناسبة نظمها دعما للنظام السوري، تراوحت بين العشرين والأربعين شخصا..!
وينصب ضغط قاعدة حزب البعث باتجاه الإنسحاب من أي إطار يتمثل فيه الحزب الشيوعي.
تاريخية الخلاف
وهنالك خلاف.. بل صراع تاريخي بين الحزبين يعود إلى اربعينيات القرن الماضي، ومنذ أن كانت النويات الأولى لحزب البعث قيد التشكل، حين اصطف الحزب الشيوعي العراقي إلى جانب قوات الإحتلال البريطاني للعراق سنة 1941، التي أسقطت حكومة الدفاع الوطني برئاسة رشيد عالي الكيلاني، ودعم الحاج أمين الحسيني، مفتي فلسطين، ورئيس الحزب القومي العربي في حينه، الذي انتظم فيه قادة النضال القومي العربي في عدد من الأقطار العربية، ومن بينهم الكيلاني، والعقداء الأربعة الذين قادوا انقلابا عسكريا في بغداد جاء بالكيلاني رئيسا للحكومة.
كما اعترفت الأحزاب الشيوعية العربية، بما فيها الحزب الشيوعي الفلسطيني بحق اسرائيل في الوجود قبل إعلان قيامها في 15آيار/مايو 1948..!
واشتد الصراع بين الحزبين أكثر فأكثر على خلفية دور حزب البعث في اقامة الوحدة السورية المصرية سنة 1958، ومعارضة الشيوعيين العرب لهذه الوحدة، وتحالفهم ضدها مع موسكو، وحلف شمال الأطلسي، وحلف بغداد..!
وكانت ثالثة الأثافي، حين تحالفت جميع الأحزاب الشيوعية واليسارية العربية، وبعض الأحزاب القومية مع ايران، ضد العراق طوال سنوات الحرب الثمان مع العراق..!
ذرائع الشيوعيين
ممثل الحزب الشيوعي في ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، كان المتحدث الرئيس في ذلك الإجتماع الساخن، الذي اكتفى ممثلي بقية الأحزاب في تأييد ما يقوله.
وتقول مصادر حزب البعث العربي الإشتراكي "إن تحليل القوى الحزبية يتطابق مع تحليل القوى المعادية للثورة العراقية.. كونه مرهون بالموقف، وقربه من نظام الملالي في طهران والنظام السوري"..
وتضيف المصادر "إن بعبع داعش مسيطر على عقولهم.. الخوف من التقسيم وفدرلة العراق".. متجاهلين أن حكومة برايمر برئاسة المالكي هي التي ضمنت الدستور العراقي حقا لكل ثلاث محافظات تشكيل كيان فدرالي..!
أما الطلب الأغرب الذي تقدم به ممثل الحزب الشيوعي في الإجتماع، وسط تأييد ممثلي بقية الأحزاب فهو "أن يعلن حزب البعث قيادته للثورة الشعبية في العراق حتى يعلنوا موقفا داعما للثورة"..! متجاهلين أنه سبق لهم الإصطفاف ضد نظام حكم حزب البعث، إلى جانب إيران ونظام الملالي طوال سنوات الحرب الثمان..!
مبررات وأسباب أخر
وتلفت مصادر حزب البعث إلى نقاط أخرى اثارها ممثل الحزب الشيوعي بتأييد بقية الأحزاب، لتبرير موقفها المعارض للثورة العراقية:
أولا: الخوف على أمن الاردن من استهداف منظمة "داعش" للأردن وسوريا والعراق..
ثانيا: مشاركة الحزب الشيوعي العراقي في العملية السسياسية في العراق.
ثالثا: مشاركة الحزب الشيوعي العراقي في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق دعما لموقف المالكي وفرصه في البقاء رئيسا للوزراء.
رابعا: اصطفاف هذه الأحزاب طوال سنوات الإحتلال الأميركي، والهيمنة الإيرانية على العراق منذ الإحتلال الأميركي سنة 2003 ضد المقاومة العراقية بكل تشكيلاتها، بما في ذلك حزب البعث العربي الإشتراكي.
خامسا: قيام وفد من الحزب الشيوعي الأردني مؤخرا بزيارة بغداد دعما للمالكي، وذلك برئاسة فرج الطميزي نائب أمين عام الحزب.
وفيما اصدر حزب البعث بيان تأييد للثورة العراقية، أصدر الحزب الشيوعي بيان تأييد للمالكي تحدث عن تمدد "داعش" السريع في شرق ووسط العراق بدعم اميركي ـ اسرائيلي..!
وقال بيان الشيوعيين إن الهدف هو "تقويض دعائم الدولة السورية"، دون أن يورد سببا وجيها لفعل ذلك..!
ووصف البيان "داعش" بأنها "نبت شيطاني".. "أحدثت تصدعات عميقة في نسيج العراق الإجتماعي".. متجاهلا حقيقة أن الحزب الشيوعي العراقي كان جزءا من العملية السياسية التي قادها الإحتلال الأميركي في العراق".
وخلص بيان الشيوعيين إلى أن "ما يحدث في العراق اليوم ليس ثورة شعبية كما يهذي بعض شيوخ الفتنة المذهبية.. إنها محاولة بائسة لتفتيت وحدة العراق وسوريا ارضاً وشعباً ودولةً على أساس مذهبي وطائفي، الأمر الذي لا يخدم مصلحة أحد سوى أعداء الشعبين الشقيقين وسائر شعوب المنطقة، وفي مقدمتهم اسرائيل والولايات المتحدة"..
وتجاهل بيان الحزب الشيوعي صمته عن طائفية ومذهبية الجرائم التي نفذتها الحكومة المالكي بحق العراقيين على خلفية مذهبية، طوال الولايتين اللتين استمرتهما حكومته، وأن مناصرة أتباع مذهب بعينه تعني هزيمة أتباع مذهب آخر، وهو السبب الرئيس للإستقطابات المذهبية في العراق التي اشعلها المراجع..!!