اعادة البحث عن الفاعل في قضية الكازينو
طالما قررت محكمة التمييز في القضية رقم 1871�3 المعروفة بقضية الكازينو رد التمييز المقدم من مساعد النائب العام ضد وزير السياحة الأسبق أسامة الدباس ومن معه ، وتأييد قراري محكمة استئناف عمان وجنايات عمان المتضمنان إعلان براءة المذكورين من التهم المنسوبة إليهم . فذلك يعني بلغة العدالة والقانون إعادة فتح الملف للبحث عن الفاعل الذي ارتكب القضية ،وقد أثبتت قرارات المحاكم وقوع الجريمة وتوفر أركانها لكن ليس من قبل هؤلاء المتهمين ،ويبقى الفاعل في هذه الحالة مجهولا .
قرار المحكمة الموقرة الصادر يوم 08 حزيران , 2014 م يستوجب التذكير بأن الحكومة أصدرت قرارا بتاريخ 28/8/2007 استنادا للمادة 2/8 من قانون السياحة لسنة 1988 لاعتبار نشاط (الكازينو) من ضمن المهن السياحية المعمول بها بالقانون المذكور, وبتاريخ 28/8/2007 صدر قرار مجلس الوزراء رقم (5287) المتضمن الموافقة على اتفاقية إقامة الكازينو بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وشركة "الواحة" (Oasis Holding Investment Ltd), في منطقة البحر الميت.
وفي حينها تم تفويض وزير السياحة والآثار بالتوقيع عليها واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذها بما في ذلك إصدار التعليمات اللازمة وذلك بحسب كتاب من رئاسة الوزراء بتاريخ 10/9/,2007 ووقعت الاتفاقية بتاريخ 12/9/2007 والتي منحت بموجبها شركة "الواحة" رخصة إقامة كازينو في منطقة البحر الميت واخر في منطقة جسر الشيخ حسين.
أهم أحكام الاتفاقية: مدة الترخيص (50) عاما من تاريخ توقيع الاتفاقية, ويمتنع على الأردنيين من غير العاملين في الكازينو الدخول, وتتمتع الشركة بحق الحصرية لمدة (10) سنوات من تاريخ افتتاح أول كازينو بحيث لا يمنح خلالها أي ترخيص لإقامة كازينو في المنطقة من جنوب البحر الميت وحتى شماله (الخاضعة لسلطة وادي الأردن), وللشركة حق الاستئجار أو الشراء بهدف تملك قطعة ارض بمساحة (100) دونم تقريبا في منطقة البحر الميت شريطة أن يكون لهذه الأرض تماس مع الشارع الرئيسي وخدمات الماء والكهرباء والهاتف وغير ذلك, ويخضع مشغل الكازينو الذي تقترحه الشركة لموافقة وزارة السياحة والآثار, وتلتزم الشركة بإقامة وافتتاح الكازينو خلال (30) شهرا, ويقام الكازينو الأول في منطقة البحر الميت, وللشركة بعد ذلك إقامة كازينو ثان في منطقة جسر الشيخ حسين, وتضمنت الاتفاقية العوائد والرسوم التي ستتقاضاها الحكومة من الشركة, ويمتنع على الحكومة أو أي جهة ذات اختصاص إصدار أي قانون أو نظام أو قرار من شأنه مصادرة أي حق من حقوق الشركة المتعلقة بالكازينو, كالأرض والمباني والإيرادات وغير ذلك.
وبحسب أحكام الاتفاقية إذا اخلّت الحكومة أو أي من مؤسساتها بإحكام الاتفاقية, يكون للشركة حق المطالبة بالتعويض عما أنفقته على المشروع والخسائر التي تكبدتها وعن الربح الفائت, وان الاتفاقية محكومة بالقانون الانجليزي, وان النزاع حولها يفصل فيه تحكيما ومكان التحكيم مدينة لندن, كما أن الاتفاقية تسمو على القوانين الأردنية في حال التعارض, وان أي قانون جديد يصدر في الأردن أو نظام أو قرار لن يكون له اثر على أحكام الاتفاقية.
الاتفاقية محكمة تماما لصالح الشركة, ولم تتضمن أي نص يجيز للحكومة إنهاءها ولا بأي حال من الأحوال, حتى لو ارتكبت الشركة مخالفة لأحكام الاتفاقية, فإنها لم تتضمن نصا يجيز للحكومة إرسال إشعار بإنهاء الاتفاقية لوقوع الإخلال, بالمقابل, فان الاتفاقية قد تناولت حقوقا للشركة في حال مخالفة الحكومة الأردنية لأحكام الاتفاقية, ولم تتضمن أي نص مماثل لذلك في حال مخالفة الشركة لإحكام الاتفاقية.
بعد الاكتشاف الشعبي لهذه الفضيحة وما سببه من اهتزازات في قاعدة الحكم لم يتم تنفيذ الاتفاقية ولم يتم التنازل عن أي ارض للشركة كما لم يتم توقيع عقود الإيجار.
وبسبب مطالبة المستثمر بتنفيذ الاتفاقية المكملة وللصعوبات التي واجهت تنفيذها وعدم رغبة الحكومة بتنفيذها ولإغراض تفادي المنازعات القضائية, تم التباحث مرة أخرى خلال الربع الأول لعام 2009 بين أطراف الاتفاقية المكملة لإغراض تعديلها من جديد على أساس: الاستمرار بتجميد ترخيص الكازينو, وبدلا من البدء باستئجار الأرض, يتم بيع ما مساحته (117) دونما للشركة بسعر (25) ألف دينار للدونم الواحد لإقامة مشروع سياحي أو عقاري عليها (بدون كازينو) مع إمكانية إفرازها بعد أن تنفق الشركة مبلغ 8.75 مليون دولار عليها لإغراض التطوير. وقد حصل تعتيم على النتيجة النهائية لهذا التباحث ولا نعلم ما الذي حصل لغاية الآن.
مع دخولنا بمرحلة تنفيذ منظومة النزاهة هل سيتم يا ترى إعادة فتح ملف القضية للبحث عن الفاعل وتحديد هويته وتقديمه للقضاء ؟أم أن المنظومة عبارة عن حبر على ورق كغيرها من الشعارات الزائفة التي ترعرع وتنامى في ظلالها الفساد؟ .