اسألوا حملة أسهم التأسيس: لماذا باعوا؟

في الأخبار أن بنك أوف أمريكا قد يدفع أكثر من 12 مليار دولار لتسوية تحقيقات تجريها وزارة العدل الأمريكية وعدد من الدول بشأن مزاعم عن تعامل البنك برهون عقارية فاسدة ومن المتوقع أن يذهب ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار من هذا المبلغ إلى مساعدة المستهلكين المتضررين.
في الأردن و فترة ما 2004- 2008 شهد السوق ماراثون ما يسمى بأسهم الطرح الأولي لشركات حديثة - 70 شركة - بعضها كان ورقيا بمعنى أنها تستند إلى أصول خطرة تبين لاحقا أنها غير قابلة للتسييل لأن أسعارها هبطت إلى مستوى ما دون قيمتها الاسمية.
البنوك مولت مثل هذا الطرح لكنها لم تضع الأسهم رهنا للوفاء , لذلك لم تخسر كثيرا إن لم تكن ربحت في بعض الأحيان لكن الرابح الأكبر كانوا حملة أسهم التأسيس الذين ما أن إنفك شرط الاحتفاظ بها لمدة عامين حتى بادروا الى بيوعات كاملة مستفيدين من ارتفاع أسعارها.
كان الأجدر بهيئة الأوراق المالية أن تسأل هؤلاء عن أسباب ودوافع البيع , إن لم يكن في إطار تحقيقات جادة , فإن ما ينبغي فعله حينها هو توجيه إستفسارات , تفيد حملة الأسهم الصغار الذين علقوا بها لاحقا وظلوا كذلك حتى الرمق الأخير.
وزارة العدل الأميركية تحقق في مثل هذه الشبهات رغم مضي أكثر من خمس سنوات على الأزمة , فهل فات أوان العودة الى الملفات في سوق الأوراق المالية الأردني للتحقق من تلك العمليات؟.
سوق الأسهم اليوم.. مرتبك , تظلله سحب من الشكوك والسؤال الذي يدور على كل لسان متورط أو مهتم في السوق هو.. الى أين يذهب , بينما تكاد الإجابات عن هذا السؤال محدودة.
هذه البيئة كانت ولا تزال خصبة لتذهب فيها البورصة إلى الدرك الأسفل أسعارا وتداولا , فما يجري في البورصة ليس تصحيحا سعريا تقليديا يعقب كل موجة صعود , إنه خليط بين أسباب اقتصادية تتمثل بالأوضاع الاقتصادية السيئة ومخاوف تجاه مستقبل الاقتصاد الذي يكاد يفقد الثقة , ليس فقط بسبب تراجع المؤشرات وبروز الأزمة كما هي على حقيقتها , بل ما زاد في هذا السوء هو ما نشهده من إشاعة عدم الثقة والطمأنينة بين أوساط العامة قبل أوساط المستثمرين , ويتمثل ذلك في « تكفير « المستثمرين وتحويلهم في نظر المجتمع من نماذج نجاح إلى لصوص نهبوا الأموال وإستغلوا الثغرات لبناء ثروات غير مشروعة ما يستدعي تجريدهم إياها دون سؤال.
في السوق اليوم أسهم تراجعت إلى ما دون قيمتها الدفترية , وبعضها بلغ 8 قروش , ما يعني أن أموال المساهمين فيها قد تبخرت تماما , و ما هو معروف للقاصي والداني أن تراجعها إلى هذا المستوى المؤلم سببه سوء الإدارة والفساد المالي والإداري , والأنباء السيئة حول إداراتها , وهو ما جرى التغاضي عنه فترة طويلة من الوقت إلى أن أصبح السكوت عما يجري فيها تواطؤا.
لماذا لا نعود الى المربع الأول للتحقق من ظروف تأسيس هذه الشركات والتأكد من حقيقة الأسباب التي دفعت بأسعارها الى ما ألت اليه وما إذا كان ينطبق وصف أوراقها بالأسهم المسمومة وإخراجها من السوق لوقف نزيف أموال المساهمين فيها؟.
إذا تبين أن دوافع تخلص حملة أسهم التأسيس من حمولتهم لم تكن بريئة , فهل يمكن مهم وفق القانون لصالح المساهمين الصغار تعويضا لخسائرهم , أم لا؟.