عمالقة في الصراع

إيران تقف الى جانب النظام في سورية وتدعم حكومة المالكي في العراق، وهي بذلك تكون منسجمة مع نفسها. في حين تقف امريكا ضد بشار الاسد وتدعم المعارضة المسلحة بالحدود المعلنة وما تخفيه ايضا، وعكس الامر بالنسبة لنوري المالكي، اذ تتحرك الان لانقاذه ومساعدته مقابل معارضيه، علما بأن الفرق بين الاسد والمالكي يكاد يكون معدوما لجهة سياسات بغداد ودمشق وما يجري فيهما، وبذات الوقت الذي تصنف فيه طهران بالعدو وما تشكله من خطر حقيقي على الاسرائيليين. والطبيعي ان يكون موقف واشنطن من سورية والعراق وايران واحدا باعتبارهم مثلثا متحالفا، فلم يختلف من العراق فقط؟
ثم كيف استوى ان يكون المالكي حليفا لامريكا وايران في الوقت نفسه وليس لروسيا التي تدعم طهران في الموقف من سورية التي هو حليفها، وان يكون بشار مدعوما من موسكو. وايضا، لمَ واشنطن لا تحرك ساكنا ضد «داعش» في سورية وتحرك حاملات الطائرات ضدهم في العراق، وكذلك من المستفيد من هذه المعادلات المتناقضة.
الشرق الاوسط مناطق نفوذ كانت مقسمة بين فرنسا وبريطانيا، وقد ورثت امريكا حصص بريطانيا فيه والتي منها العراق، وهي تعتبره ضمن مناطقها الحيوية وترفض ان يذهب الى ايران او ان يخرج من تلقاء نفسه من دائرتها، اما سورية فكانت منطقة نفوذ لفرنسا وما عادت، ولم تتمكن امريكا من وراثتها، وقد بنت دمشق علاقات مع موسكو اهلت لنوع من الحلول مكان فرنسا وباتت سورية موقعا استراتيجيا لروسيا لتطل منه على البحر الابيض المتوسط.
ما يجري في المنطقة بواقعه هو صراع بين امريكا وروسيا، وهو على العراق وليس من اجلها وعلى سورية لإخراج موسكو منها. وفي حسابات امريكا اضعاف ايران ومحاصرتها وتجريدها من تحالفاتها وازالة الخطر الذي تشكله على العدو الاسرائيلي كما ازالته من العراق وسورية، وفي حسابات روسيا ان تكون سورية غنيمتها وليس مهما لها العراق ولن تمانع من التفاهم على مصير ايران بعد ذلك، ولطبيعة الصراع الدائر وما يخلفه من انهاك يحقق الكيان الاسرائيلي الفوائد مجانا من كل النتائج.