لا تحرقوا الوطن فهو لنا


والخطاب موجّه للفاسد الذي لا يخاف الله وللمسؤول المهمل الذي لا يعي ما يفعل وللمواطن الساكت كالشيطان الأخرس . 
فكلنا شركاء قي هذا الوطن ومنّا من يزرع الشجر المثمر ومنّا من يستولي على الثمر ويزرع الشوك في الطرقات وكلانا مقتنع بما يفعل وكلانا يرفع صوته وكأنّه صاحب الحق في الولاية على هذا الوطن المسكين الذي لا يدري من هو صاحبه وراعيه وكأنّه ينظر الى كلينا بغير قناعة انّ أيّا منّا له الحقُّ في الإستحواذ عليه حيث يعتبر الشريف ضعيفا لا يستطيع حمايته ويعتبر الآخر لئيما لا يريد خيرا ونموّا له فيدخل في دائرة الشك والحيرة والخوف . 
قالوا لنا دولة القانون والمؤسسات فلا القانون جرأ على محاكمة الفاسدين وعقابهم واسترداد ما سلبوه او جزأ كبيرا منه ولا الدولة استطاعت من تنظيف جيوب وضمائر وعقول الكثيرين من المسؤرلين الذين أغوتهم اموال الدولة السائبة و مواقع الوظائف العليا المتخمة بالرواتب والإمتيازات ورحلات العمل السياحية والمدفوعة مرّتين مرّة من الحكومة واموال المواطنين بناء على نظام السفر والمهمّات الرسميّة ومرّة اخرى من الجهة الداعية او الداعمة او المانحة بناء على الدعوات الموجّهة للدولة وهكذا فالوطن يعتقد البعض انه بلا قانون يحترمه المتنفذّون او الفاسدون ولا مؤسّسات يحترمها المواطنون حتّى دار الزمان على بعضها فخصخصوها وضاعت معظم مداخيلها في جيوب الفاسدين وقرارات الجاهلين . 
وقد قيل لنا إقتربنا من المنِّ والسلوى فلم ننل من المن سوى العفن ومن السلوى سوى انتشار الإسرائيليّين ونسائهم في مرابعنا ومقاهينا وباراتنا . 
وشجّعونا على الإنفتاح على الغرب فقصرت فساتين بناتنا وضاق عليهم الفيزون وتعلّقت عقول شبابنا بالكرة وبرشلونة والبايرميونيخ والكرة المستديرة . 
وخربت عيون اطفالنا من النظر للآيفون والآيباد لساعات طويلة باليوم حتّى ان الكثير منهم بات يلبس نظاّرة طبّية او يعاني من اكل الشوكولاتة والهمبرغر والبيبسي وغيره من المأكولات السريعة الضرر غالية الثمن . 
هل يُعقل ان يتم حرق مائتي دونم واكثر من الفي شجرة من اشجار الغابات الحرجية الشحيحة في الوطن والتي لا تزيد عن1% من المساحة الكليّة بينما يجب ان تكون حوالي 15% من مساحة الوطن وهل يعقل ان يكون الهدر في شبكات المياه يزيد عن 40% بينما نحن من افقر عشر دول في العالم مائيّا فهل يجوز ان نعطش بينما اصحاب المعالي والعطوفة والفاسدين يتلعبطون في مياه بركهم مجّانا . 
وهل يجوز ان لا تجد الحكومة اموالا لدفع رواتب موظفيها بينما رواتب وزرائها وكبار موظّفيها يتقاضون عشرات الالوف من الدنانير بين دخول ومياومات وعلاوات سفر وامتيازات اخرى في نفس الوقت الذي يتقاسم الفقراء الحاويات في بعض المناطق من الوطن وتطلب الحكومة من الموظّف ان يعيش بمائتي دينار بالشهر وهو يرى ان بعض المتنفذين يأخذون رواتب معلوليّة لعجزهم عن العمل وتعود الدولة وتعيّنهم وزراء ومدراء عامّون فاين هؤلاء المعلولون واعضاء اللجان الطبّية التي منحتهم تلك المعلوليّة كذبا ونفاقا وخيانة لقسمهم الطبي ولوطنهم اين هم من غضب الله والوطن يرون الحكومة تستدين او تأخذ من مخصّصات مشاريع تنمويّة بينما هم يسرقون قوت الشعب واموال الدولة . 
وهل يجوز ان تتأخر مشاريع حيويّة بالتسليم اشهرا طويلة دون غرامات او إجرائات لأنها بايدي متنفّذين او اصحاب معالي وعطوفات سابقا ومنها مشاريع ملكيّة للتفريج عن الاسر العفيفة اوارباب الاسر ذو الدخول القليلة وذلك لتأمين السكن الكريم والعيش الكريم لهم. 
هل يجوز ان يبقى الشعب كالأطرش بالزفّة وهو يرى الفاسدون يزفّون الوطن نحو دروب الهلاك يراهم يحرقون الوطن بالشلليّة والمحسوبيّة واللصوصية وعدم العدالة والشفافيّة بل ومحاربة الديموقراطيّة بينما هو لا يعلم ما يحدث وكأن الوطن لا يخصّه وينام على وسادته خائفا من غد مجهول ينتظره . 
ألا يعلم الخارجون عن القانون انهم شركاء في قيادة نفس المركب وان السفينة إن جنحت في عرض البحر نتيجة تلاطم الأمواج سوف يغرق جميع من على ظهرها دون تمييز بين شريف ومخادع . 
إنّ من يحاول ان يحرق الوطن او يساهم في حرقه سوف يكتوي بناره آجلا ام عاجلا لأنّ الأوطان هبة الله تمهل ولا تهمل وهذا الوطن ارتضيناه وطنا هاشميّا لا يمكن ان نقبل ان يكون غابة يحرقها الفاسدون ليتدفأوا عليها هم وابناؤهم ولن نكون خرسا كالشياطين حتى تاتي النار على ثيابنا . 
وبعض من كبارنا عندما يكونون عاملون في الحكومة يكونون كالشياطين في جمع المكاسب الشخصية ويكونون ابواقا للحكومة يقلبون الخير شرّا ويفعلون الشرّ على انه خير لنا بل ويعتبرون حركات الرئيس وتصريحاته وكأنها سنّة مؤكدة يجب تطبيقها والإقتداء بها مهما كانت سلبيّاتها وعندما يخرجون من الحكومة ينقلبون ليصبحوا انبياء يلعنون الحكومة وممارساتها ويعتبرون قراراتها وافعالها وكأنها الكاز والوقود لحرق الوطن وإذلال المواطنين وتلك الإزدواجيّة يغذّيها الفاسدون ويجعلها تصب الكاز لتزيد من اشعال الحرائق في الوطن . 
ونحن في الاردن هذه الايام نحتفل بأعيادنا الوطنيّة ومنها ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم جلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على عرش المملكة وقبلها استقلال المملكة عن المستعمر وغيرها من اعياد هذا الوطن الذي اجتاز على مدى ثلاثة وتسعون عاما تحديات كبيرة تنوء عنها دول بمقدرات ضخمة ولكنّها بإرادة الهاشميّين والمخلصين من ابناء الوطن الشرفاء استطاعوا ان يجتازوا الصعاب ويؤسّسوا ويبنوا الوطن ويُعلوا البنيان حتّى اصبح بهذا الزهو ولا يمكن ان يسمحوا لفئة فاسدة مُضلٍّلِة ومضًلَّلة ان تعبث بمصير الوطن واهله ولن تسمح لمن يريدون حرق الوطن لتحقيق مآرب ومكاسب شخصيّة او أجندات خارجيّة أن يستمروا بعبثهم وإشعال الحرائق هنا وهناك ليضعوا الوطن في مهب الريح لا سمح الله . 
حمى الله الأردن ارضا وشعبا وقيادة وجعل رايته عالية خفّاقة وأعزّ جيشه على الدوام . 
احمد محمود سعيد 
13 /6/2014