" من الـرقـة إلى المــوصــل :مرحباً بكم في دولة الخلافة "

بقلم غالب راشـــــــــد
استفاق العالم أمس يوم الثلاثاء 10 / 6 / 2014 على نبأ سيطرة داعش على مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية بسرعة خاطفة دون ان تطلق طلقة واحدة للدفاع والمقاومة عن المدينة ، وترافق ذلك مع السيطرة على مطار الموصل الدولي ومركز المحافظة وجميع المؤسسات الحيوية والهامة ، وأدى ذلك إلى عملية نزوح كثيفة لأهالي المدينة باتجاه أقليم " كردستان " الذي وضع القيود والعراقيل أمام النازحين
سقطت الموصل مع اختفاء ما يزيد عن 40 الف جندي ورجل أمن من المدينة وخروجهم بالزي المدني باتّجاه الإقليم الكردي تاركين وراءهم دباباتهم وأسلحتهم فاستولت عليها داعش دون مقاومة .
كم من " ابن علقمي " لا زال يعيش بيننا ؟ !
قبل أحد عشر عاما سقطت بغداد الرشيد دون مقاومة ،فسقط معها العراق الدولة والنظام ، سقطت معها آنذاك كل الشعارات الكاذبة والبطولات الجوفاء ، وأفقنا من الحلم على كابوس جثم على الصدور ، حرب أهلية طاحنة اتت على كل المحرمات ، سفك فيها الدم العربي المسلم دون سبب وبلا غاية فقط لإرضاء شهوة القتل وتحقيق أماني الخائنين ، عملاء الغرب ، بائعي الأوطان . أصبح العراق الواحد - عراق ما بعد 9 /4 /2003 - انموذجا للانقسام بل التقسيم والطائفية وخيانة الوطن والأمة ، انموذجاً للتفكك والولاء العشائري والمذهبي والقومي . أصبح العراق واحة آمنة للجماعات الإرهابية والتكفيرية ذات الأفكار المريضة والأهداف المشبوهة.
ما كان يحدث هذا للعراق لولا مواقفه القومية والعربية المشرفة ، ولولا مقوماته البشرية والاقتصادية والعسكرية . بمعنى آخر دفع العراق ثمن عروبته وانتمائه لأمته وهو نفس الثمن الذي تدفعه الآن سوريا القالب النابض بالعروبة .
إن ما يجري على امتداد الجغرافية العراقية والسورية من تدمير ممنهج وقتلٍ وذبح وتفجيرات دموية يكشف بما لا يدع مجالا للشك أن عدو العراق وسوريا هو واحد وما " داعش " إلا أداة لتنفيذ خيوط هذه المؤامرة ، فالعدو الحقيقي لسوريا والعراق هو كل من درّب وسلّح وموّل وأرسل وقدّم ولا يزال يقدّم التسهيلات لهذه العصابات المجرمة التكفيرية ، سواء أكان هذا من الداخل أو الخارج .
أن المنطقة الممتدة من الموصل إلى الرقة مروراً بدير الزور السورية ومحافظة صلاح الدين وكركوك والانبارالعراقية يشكّل منطقة جغرافية بشّرنا بها الأمريكيون حين أطلقوا عليها ما يسمّى " المثلث السني " التي ستكون دولة الخلافة لدولة الإسلام في العراق والشام " داعش " وقد أريد لهذا المثلث المصطنع أن يشكل حدودا طبيعية فاصلة بين التواصل بين إيران وسوريا أي سدّا أمام ما يسمّى أيضا ب "الهلال الشيعي"
وإن قُدّر لهذا المخطط أن يتحقق فستكون دولة الخلافة المزعومة لها حدود مع كل من السعودية والأردن وتركيا وإقليم كردستان الذي أصبح يشكل دولة واقعية ، وهذه الدول هي عينها التي تتوجه إليها أصابع الاتهام بتدريب وتمويل وتسليح هذه الجماعات المسلحة ، وستكون دولة الخلافة التي لن ترى النور بعون الله قد سيطرت على منابع النفط ومصافيه فوفّرت لها التدفق المالي اللازم لبقائها وديمومة أعمالها الإرهابية .
وقد يتساءل البعض كيف يسمح لهذه العصابات بإقامة إمارة إسلامية والعالم كله يرى أفعال وممارسات تلك الجماعات ؟ والإجابة جدٌ سهلة وبسيطة ، ان الغرب والمستعربين والمتأسلمين جميعهم يعمل من أجل " إسرائيل " فكيف نقرأ " خطة كيري للسلام " القائمة على الاعتراف بيهودية دولة الكيان الغاصب " إسرائيل " وهي دعوة الى أقامة دولة دينية عنصرية تمهّد لتفتيت المنطقة وتقسيمها إلى إمارات طائفية ومذهبية الخاسر الأكبر فيها الأمة العربية والإسلامية عامة والقضية الفلسطينية بشكل خاص .
حمى الله العراق وسوريا من كل مكروه ولا يحيق المكر السيء الا بأهله .
عمّان 11/6 /2014 الأربعاء
ghalib_rashed@yahoo.com