مؤشرات إيجابية.. ولكن

 

أعطى الاقتصاد الأردني في العام الماضي مؤشرات عديدة، بعضها إيجابي وبعضها الآخر سلبي. وكان من الطبيعي أن يختار المسؤولون المؤشرات الإيجابية فيلقوا عليها الضوء كدليل على أن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح، وأن المسؤولين يستحقون التقدير، وما عليهم سوى استكمال المسيرة.
تحت هذا الباب استعرض محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز التطورات الاقتصادية والمالية، وخلص إلى نتيجة إيجابية، هي أن التحديات الكبيرة التي واجهت الأردن لم تمنعه من تحقيق نتائج إيجابية بفضل السياسات المالية والنقدية الحصيفة!.
نقلت (الرأي) في عددها الصادر يوم 2/ 6/ 2014 على لسان المحافظ: أن الاقتصاد الأردني نما بمعدل 8ر2% أي بأسرع من النمو السكاني البالغ 2ر2%، واستدل على ارتفاع حصة الفرد من الدخل ولو كان طفيفاً للغاية. ولم يأخذ بالاعتبار أن عدد السكان ارتفع بنسبة 15% بسبب حركة اللجوء السوري الكثيف.
من المؤشرات الأخرى التي انتقاها المحافظ تراجع عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات من 15% إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر هام لولا أن معظم التحسن جاء بسبب ارتفاع المنح الخارجية، أما العجز التجاري، وهو البند الرئيسي في هذا الحساب، فقد تفاقم بسبب نمو المستوردات وركود الصادرات.
وأشار المحافظ إلى هبوط عجز الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 3ر8% في 2012 إلى 5ر5% في 2013، ولكن العجز الحقيقي كان أكبر بكثير إذا أخذنا بالاعتبار كلفة دعم الكهرباء والماء التي تسجل كسلف على شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه حتى لا تقيد ضمن النفقات المتكررة ويظهر عندها أن العجز الحقيقي يناهز 10% من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة لا تدعو للارتياح.
لم ينسَ المحافظ أن يشير إلى ارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية وهو مؤشر إيجابي لولا أنه ترافق مع ارتفاع مماثل في المديونية الخارجية بالعملات الاجنبية.
مع كل هذه التحفظات، فالنتيجة الإيجابية التي توصل إليها المحافظ تظل صحيحة إجمالاً، وهناك تقدم حصل وتراجع أمكن تجنبه، وسارت السياسات المالية والنقدية بالاتجاه الصحيح، ليس لتحقيق نتائج باهرة بل لاحتواء التراجع والسلبيات. وفي ظل الربيع العربي والظروف الصعبة يكفي الحد من الخسائر وليس تحقيق الأرباح.