أولادي و الكيس
زمان ..عندما كان يعود ( أبوي ) من العمل و يكون حاملاً بيديه شيئاً ؛ كان الفرح بلا حدود ..بل قد لا أبالغ إذا قلتُ أنه يوم استثنائي ..فالطبيعي و الطبيعي جدّا ألا يأتي بشيء خارج احتياجات البيت الأساسية ..لم نكن نتذمر ..أو لم نكن نصنع حالة من الهياج الغاضب في البيت ..
اليوم ..أراقب أبنائي و أبناء الآخرين ..أولادي يراقبون مجيئي على البلكونة ..إذا كانت يدي تحمل كيساً ..ينزلون الدرج و من اللهفة لا ينتظرون ( الأسانسير ) بل قد ينزلون ( حفاة / حافيين ) ..لا أحد يقول لك : يعطيك العافية ..لا أحد يسلم عليك ..لا أحد ينظر إلى وجهك أصلاً ..بل يختطفون الكيس من يدك و يتركونك تصارع المشهدين : المشهد الذي الآن لأولادك ..ومشهد يرجعك إليه ( الفلاش باك ) أنت و إخوتك حين كان أبوك يعود ..!
مرات كثيرة يعاتبونني ..ليس لأنني لم أشترِ لهم شيئاً أو أن يديّ فاضيتان ..بل لأنني لم أشتري لهم أكثر و أكثر و أكثر ...مرات أشعر أنهم استغلاليون لأبعد حد ..وأن ما يربطهم بي هو الكيس الأسود الذي بيدي ..و لو تم فقدان هذا الكيس إلى الأبد فإنهم سيتبرّأون منّي بكل الزقق و الحارات و قد تتعدى براءتهم مني إلى المحافل الدوليّة ..
كنتُ أخبّئ هذا الموضوع ولا أصرّح به لأحد ..لأن الوحيد الخائب ..ولكنني اكتشفت أن غالبية الأولاد الآخرين لهم نفس عقليّة أولادي ..وما يربطهم من حميميّة مع آبائهم أو أمهاتهم ما هو إلا الكيس الأسود ..أو الجيبة على أقل تقدير ..