أبوُ هزَّاع على رأسِ أمنِنا العام: معاني...ودلالات

 

أبوُ هزَّاع على رأسِ  أمنِنا العام: معاني...ودلالات

 

مما يثير الفرحة والأمل في النّفس؛ هو الحديث عن ابناءنا وأخوتنا  – رجال الأمن العام – فهم جزء أصيل لا يتجزأ من شعب أردننا الغالي على إمتداد مساحاته الوارفة المتنوعة بين بدوٍ وحضرٍ ومدن، يجتمعون على محبته، ويتحاورون في سبل  سّلامتة  وديمومته آمناً مطمئنّاً، ويرفعون أكفّهم بالدّعاء الخالص للعلي العظيم، وطالبين أن يجنّبه شرَّ كلّ حاسدٍ إذا حسد وما أكثرهم، وأن يجعله رخاءً سخاءً، وأن لا يَكِلَ الاردنيّين إلى أنفسهم طرفة عين، ويَعذْهم من أن يُفْتِنُونَ أو يُفْتَنُوُنْ.

 

ولا يختلف إثنان سياسيّاً وقانونيّاً على إنّ جهاز الأمن العام هو جهاز وطني عظيم،يحمي الأردنّ، ويحافظ على إستقراره الدّاخلي، ويزيد في لحمته وتوازنه واستقراره، ودون أن نُنكر أنّ هناك بعض التّجاوزات التي تصدر  جزئيّاً، والتي وإن صدرت؛ فإنّها ليست إلّا إستثناءً أو مجرد بُقع حبرٍ  أزرق متطايرة متناثرة علقت في لباس الأمن العام الكحلي الزّاهي الجميل، فحاشا أن يكون الكمال لغير الله، ولا غرابة أنّ كلّ شيئٍ ما خلاه ناقصٌ، فلا يُرجى إكتماله.

 

ومن النّاحية العاطفيّة الانسانيّة؛ فليس منّا ناكراً لِمُقَاسَاتِهمُ وتعبهمُ واحتمالهمُ العمل في ظروفٍ حالكةٍ صعبةٍ؛ و يعرفها الجميع بعد أن رأوها عياناً، وعايشوها تجريباً وخبرةً، فالوقوف في الشّوارع و الطّرقات؛ لا يحتاج منّا جميعاً لعصفٍ ذهنيٍّ لفهمه أو تصوّره، وبخاصة عندما يكون هذا الوقوف في جدّ الصّيف  أو في أربعينيّة الشّتاء، و ما يتقاضونه من أجر كحقيقة وواقع؛ لا يتناسب مع هول ما يُلقى على عاتقهم من واجبات، فإن ظلّلهم من حرّ هذا؛ فإنّه حتماً لن يقهِم من برد ِ ذاك...،  و زد عليها تحمّلهم وُزْرَ  وأعباءَ خطأ أو غباء أو غياب القرار السياسي أحياناً عن شارعنا، ولا أبالغ إن قلت فشل وزارات ومسئولين، وهو ما نلمسه الآن على غرارها في مدننا من مظاهرات مشروعة في عموميّتها  (وندعمها ما زالت سلميّة ونظيفة بيضاء)، ومبتورة مرفوضة إن كان لها شبهة من خصوصيّة أو شخصيّة، فوزاراتنا تبدأ حفل زفافها لتُنهي شهر عسلها لترحل وتنأى بنفسها بعيداً، فلا يجد الوطن من يستنجد به لطمس شرخاً هنا أو ضعفاً هناك أحدثه هاوٍ للسياسة، أو حديثُ نعمة اقتصاديّ؛ إلّا المخلصين الشّرفاء من الشّعب و الامن العام، ولا أجدهما رغم بعض ما يحدث من سوء فهمٍ او تشويهٍ لعلاقة بينهما، او تشويهٍ لسمعة غير مبرّرة وظالمة على الأغلب؛ إلّا أنّهما بنفس الطريق، رغم تباعد الخطوات بينهما، وأسباب هذا التّباعد معروفة وواضحة، إنّها الموسيقى السّاقطة، و العازفة بألحان الحقد على جمال الطّاؤوس الأردني، و الكراهية لمشيته الخيلاء التي تَفْرِقُهُ عن باقي إخوته من الطّيور، والحسد لريشه النّاعم الطويل الملوّن بأزهى الألوان وأعمقها، والغلّ من إتساع بيته الصّغير، والحقد على محبّة وتآلف مليكه الهاشمي - أخٌ كريم -  مع مالكيه – أبناء أخ ٍ كريم – مهاجرين وأنصار.

 

ورغم إقراري بصحّة بعض الشَّكاوى التي تصدر موسميّاً (كلّ سنه مرّة) على رجالات الامن العام ، وإقتناعي بما يرد فيها من حجج بيّنة، ولها كل التّقدير و الإهتمام، فالإهانة لمواطن إن حصلت؛ فهي جرم لا يُغتفر، ولن أبرّر هذه الإهانة على كيفيّتها او بحجمها إن صدرت او تَصدر؛  بإرهاقهم وإجهادهم في العمل، أو أن أبرّر ضرب مواطن بالسّياط للاعتراف بما لم يرتكبه او يفعله؛ بحجّة ضعف الإمكانات وقلة المعلومات وأدوات البحث و التّحري؛  إلّا أنّني وأعتقد مثلي الكثير؛ أشعر دوماً بتعاطفي معهم، ومع ما يبذلونه من جهدٍ، ولا يعود موقفي هذا لطيبة في القلب أو سذاجة في الطّبع؛ ولكنَّني أحبُّ وطني، وأبناء وطني، وأُؤمن بأنّ المكان الضّيق يسع لمئةِ مُحبٍّ لمن أراد ونوى، فالمكان ثابت وموجود ومفتوح بابه للجميع، فلما لا نُطلق سراح الرّضا في صدورنا، ليعمّ الحبُّ والتّسامحُ في أردننا المقدّس ويَسود، فيحوز هو على رضانا، وننعم نحن بدفئ غطائه وحنانه، فلنثق ونؤمن بأنّه ليس هناك غير شراكتنا فيه ومعه؛ ما يُلغي زفير أنّاته، أويطمس شهيق آهاته ؟

 

ولنثق ونؤمن كذلك؛ إنّ جلّ تعب وارهاق وانهاك رجال الأمن وما يمثّله من مؤسسة؛ يتمُّ لصالحنا ولأجل عيوننا، فامننا وسلامتنا من أبرز وأهمّ الامور التي تُعنيهم، وَوُضِعوا لها، فلننظر بجديّة لتعبهم وارهاقهم، ونعترف بهما، ولنشعر نحوهم بكل شكر و تقديرٍ وامتنان، فكيف لا ننظر بامتنان إلى عملٍ مُقدّس يقومون به، واقلّه على سبيل المثال لا الحصر؛ نشر مئاتٍ من الامن العام يوميّاً، ليلاً نهاراً، صيفاً شتاءً على الطّرقات الداخليّة و الخارجيّة للمملكة للقيام بواجبات تضمن لنا مروراً سهلاً مرناً، وفيه الامن و الأمان، كضرورة من ضرورات إستمرار الحياة، والهناء بها دون وجل او خوف، وما إحترام الاردنيين للاشارات المروريّة بشكل خاص، وقوانين السير بشكلٍ عام؛ إلا لانّهم وجدوا وشعروا بالجديَّة و النّزاهة والعدل من منهجيّة وطريقة وأسلوب هذا الجهاز الكريم، ليصبح الإثنان معاً من أكثر مواطني العالم  وأجهزته الأمنيّة أدباً والتزاماً. 

 

وفي ظلّ وجود قائدٍ عرفته عن قربٍ من خلال حصولي على شرف الخدمة العسكريّة في معيّته (هو كرئيس وأنا كمرؤوس)، والذي ما عرفت عنه سوى عدله وانسانيّته المتناهية، ونقاء سريرته، وتواضعه وحبّه للآخر مهما كانت هيئته ومكانته العمليّة و العشائريّة، وحبّه للحقّ وأهله...، وميله للضعفاء ولو كان على حساب حق الأقوياء...؛ فإنّني أنصح بإعطاء الثّقة التّامة من قبل كلّ أردنيٍّ لهذا الجهاز  الذي يقوده الآن و يترأسه (أبو هزّاع)، فوجود مثله على رأس هرم تنظيمه؛ يعني أنّ هذا الجهاز لا بدَّ أن يواكبه ويجاريه في صفاته الحميدة الجمّة الكثيرة.

 

ولا يفوتنا بأنَّ صدور أوامر لجسمٍ لائقٍ  من قِبَلِ رأسٍ محترم بقيمة صاحبه (أبا هزاع) وما ينمّ عنه من فكر نّير وعاطفة جيّاشة؛ يعني إنّنا نحصل من جهاز أمننا على أداءٍ محترمٍ، وشَعر ويَشْعُر به كلُّ مواطنٍ موضوعيٍّ نزيه، (ومن لم يشعر؛ فبسبب غرضٍ في نفسه فَيُخْطِئَهُ أو خَطْبٍ في عقله فَيُلهِيه...)، ولن نحصل منه على سفاهة او إنحطاط؛ فالأوامر المخالفة لقانون، أو متحيّزة لفئة؛ ليس لها دليل أو ذاكرة لدى هذا الرّجل (المجالي) الذي خرج علينا من بيتٍ عتيقٍ، وأوامره لا تتفق إلّا مع الدّيموقراطيّة التي ضحّى بروحه من أجلها والده ورمزنا (هزّاع) من قبلنا وقبله، والتي ضمن فيها  الحقوق ليس فقط للإنسان، لا بل للنّبات، و كذلك للحيوان.

 

 وكأردنيين، وكجهاز لأمننا العام؛ علينا جميعاً  أن (نلتمس لبعضنا عُذراً) وبخاصة في الأمور الهامشيّة التي لا تنعكس على الجوهر؛ وعلينا جميعاً أن نمنح  الدّعم لبعضنا بعضا، وفرصتنا مواتية لدعم القائمين على هذا الجهاز، وهي أن نتركهم يتفرّغون لما يقومون به على قدمٍ وساق من إعادة هيكلة و تنظيمٍ له منذ وقت طويل، والقيام بترتيبه على أسس جديدة و محاولة منح أفراده زيادة في الفكر و القوّة والسّلاح؛ لتنفيذ أوامر الله وطاعته، فيكون لوطننا خير أمين نستأجره، ونأتمنه بعد الله على أعراضنا و أموالنا وأنفسنا و أرواحنا، ونحن آمنون مُطمئنّون.

 

وأخيراً؛ (مهما يقولون...، ومهما صار... ، ومهما تَمْ...؛ يا أردن: إنت البدايات...، وإنتْ يَاْ بُو حْسَيْن: أوّل وْ تالي...).

 


 

د. صالح سالم السّويلم الخوالدة

 

shahimhamada@yahoo.com