"أنقذوا أم الجامعات من الإفلاس"!!

انس عبد الرحمن
 

وسط استنكار خجول مر قرار رفع الجامعة الأردنية لرسوم الدراسات العليا دون ضجة إعلامية، وكأن القرار لا يعني الأردنيين ولا مجلس النواب ولا الصحافة الأردنية، وباستثناء جبهة العمل الإسلامي والحركة الطلابية "ذبحتونا" فمن الواضح أن لا أحد يكترث لقرار رفع الرسوم الذي وصل في بعض التخصصات لأكثر من 100% .

وجراء هذا القرار سيكون الطالب الذي يرغب في دراسة الماجستير مرغماً على دفع ما لا يقل عن 150 ديناراً للساعة الواحدة في التخصصات الإنسانية و 200 ديناراً في التخصصات العلمية !

عندما صدر هذا القرار عادت بي الذاكرة إلى الخلف قليلاً، عندما كنت طالباً في كلية القانون، الذي أضحى يدرس ولا يطبق، أن الهدف من فرض الرسوم في المرافق العامة، كدائرة الأحوال المدنية والجامعات وغيرها، هو تغطية النفقات وليس الربح، وإدارة الجامعة طبعاً لا تفكر في الربح والدليل أن تكلفة دراسة ماجستير القانون في الجامعة أصبح أغلى من دراسته في جامعة عمان الأهلية!

ويوازي أغلب الجامعات الخاصة التي معروف أن هدفها ليس الربح فقط بل بناء الثروات ، طبعاً إدارة الجامعة لا تريد بناء ثروة -الحمدلله- ولكنها تريد فقط تغطية خسائرها وميزانيتها المديونة، وقد قامت بعدة إجراءات قبل اللجوء إلى رفع الأسعار فزادت عدد الأكشاك داخل الجامعة إلى الضعف، وأجبرت الطالب على الدفع قبل التسجيل، ثم أصبحت تفتش هويات الطلبة الذين يدخلون إلى مكتبة الجامعة أو قاعة الرسائل حتى لا يدخل طالب لا ينتمي للجامعة ويستفيد من المكتبة دون اشتراك، لأن الهدف ليس حماية المكتبة ولا الطلاب، ولكن جلب المزيد من الاشتراكات، ولكن للأسف بقيت المشكلة كما هي، ولذلك لجأت الجامعة لقرار رفع الرسوم الأخير، وبرأيي الشخصي أنه حتى لو قامت الجامعة برفع رسوم البكالوريس وتأجير المقاعد والكليات أو بيع نفسها فإن المشكلة ستبقى قائمة، لأن الجامعة لا تنقصها الأموال والاستثمارات لكنها تحتاج لإصلاح من الداخل.

ولأن الإصلاح في الأردن أمر مستحيل، فإن الجامعة ستبقى تلاحق الحلول العبقرية، مثل رفع الرسوم التي تقتطعها شركات الخلوي سنوياً لمصلحة الجامعة، أو عمل حملة تبرع "أنقذوا أم الجامعات من الإفلاس".

الجامعة الأردنية تمر بأزمة مادية خانقة وصامتة، حلها ليس جيوب الطلبة المساكين، أو تحويلها إلى شركة خاصة، ولكن حلها في إصلاح الجامعة إدراياً ومالياً، فكيف تقوم الجامعة ببناء كلية فنون وصلت تكلفتها إلى مئات ألاف الدنانير إن لم يكن الملايين، ومبنى كلية الطب يكاد ينهار ! والجامعة تعاني من أزمة طاحنة!