في ذكرى النكسة

رسائل الى مجهول
تجمّع مميّزغير معتاد في لقاء جمع المثقّفين مع عامّة الناس فالكاتبة سيّدة مثقّفة هي اعتماد سرسك اعتمدت الجدّ والاجتهاد والمطالعة الدائمة والثقافة الواسعة لكي تجد لنفسها مكانا بين الكتّاب الذين يأخذون من واقعهم قصصا يجعلونها زادا للقراء ومتنفّسا لأناس ظلمتهم الحياة واتعبتهم الظروف ودرسا للغير ليتّقوا ظلم البشر رجالا ونساء لغيرهم فأبدعت وكان لها هذا المكان المميّز بين الأدباء في مجتمعنا .
وكان الحضور غير معتاد عددا وتنوعا وخاصّة النساء اللواتي انتصرن لإبنة المخيّم وهي تروي بعض قصص عايشتها عن قرب في مخيّمات اللجوء الفلسطيني في عمان لتشهر مولودها الثقافي الأول وهو كتاب رسائل الى مجهول المكون من مائة وتسعة عشر صفحة من القطع المتوسط ولتعرض بعضا من محتواه بعد مخاض طويل من القراءة والمعاناة وقد فضّلت ان تكون رسائلها العشرين الى مجهول لأنّ المغتصب لفلسطين هو الصهيوني وهو معلوم بتاريخه العدواني بينما بقي السبب والمسبّب لضياع تلك الارض المباركة غير واضح حتّى الآن بل سيبقى مجهولا الى حين فقد يظهر الجاني المجهول وقد يكونون العرب او الفلسطينيّون او الحكّام او الجهل والغباء والطمع وحب الذات او بعضا منها او كلّها وسيبقى مجهولا.
إضافة لتلك الرسائل افردت الكاتبة فصلا من كتابها عن المحبّة بين البشر وتمنت كما حلمت ان تعود للوطن وتصلّي في القدس الشريف مع من تحب .
وثم عاشت الكاتبة مع خواطرها حيث عادت لطفولتها كثيرا في وقت كان فيه حلم العودة قريبا وابتعد ذلك الحلم كلما كبرت وعاشت الم الشتات وضياع الوطن حتّى ذاقت وابنائها الم فراق من أحبّهم وأحبّوه من عاش معهم الحياة بكل تفاصيلها حتّى بدأ حياة الخلود وتركهم لحياة مليئة بالألم ولكنّها حياة تعجُّ بالحب والعطاء وقد ترك خلفه احلى العطور والورود التي تحتاج للرعاية والماء حتّى تنمو وتتفتّح كما اردها من احبّهم وكما يظهر من رسائل الكاتبة وخواطرها مدى قربها من بيئتها ومن اهلها وعائلتها وحبها الصادق لهم وخاصّة في مرجعيّتها الأم التي تبادلها الحب بالحب .
لقد كان كتاب السيّدة إعتماد جدير بالقراءة ليتأكّد القارئ بان الوطن الذي ما زال بأيدي العدو المغتصب ما زالت نساؤه تنجب من يكنّ له الحب والولاء والشوق للعودة له مهما كانت تلك الأجيال ولدت وترعرت في مخيّمات اللجوء والشتات أو اي مكان على ظهر البسيطة فالقلوب تحن لفلسطين وقدسها ومقدّساتها وها هي اجيال تودّع اجيالا بعد ان تغرس حب فلسطين في قلوبها فيُولد الاطفال وهم يرضعون ذلك العشق لوطنهم من امهات رضعن ذلك العشق من جدّات تمسكن بغصن الزيتون وحب الوطن وفي هذه الايام التي نتذكّر ونعيش فيها ما يّسمّى نكسة حزيران بعد ان مني العرب بهزيمة نكراء وعلى إثرها فقدنا ما كان قد بقي من فلسطين إضافة لأراض عربيّة اخرى وفتحت مخيّمات جديدة ومعاناة لأناس لم يرتكبوا ذنبا سوى انّهم حبّوا وطنهم وعاشوا به بكرامة فكانت نكسة للأمّة العربيّة وتشريد للفلسطينيّين .
ختاما فقد كان حفل إشهار كتاب رسائل الى مجهول حفلا مميّزا بكل ما حواه من مداخلات وضيافة شملت مأكولات فلسطينية الذكرى من اقراص الزعتر والمسخّن وخلافه ممّا حدى بالحاضرين شكر الكاتبة ومباركتها بكتابها المميّز وشكر المقدّم واصحاب المداخلات وخاصّة الأديب مختار العالم على جهده وشكرت الكاتبة الحضور على مشاركتهم لها حفل إشهار كتابها .
احمد محمود سعيد
6/ 6 / 2014