منجلي ومنجلاه ! ( ثلاثية الشمس والارض والانسان)

طالما حدثنا الاباء والاجداد عن ايامهم الخوالي ... عن الكدّ والتعب ... عن المحراث والمنجل ... عن ايام (الحصيدة) ... وعن شمس هذا الوطن في تموز وآب وعن الفزعة والعونة تحت اشعة شمس هذا الوطن الغالي بين سنابل القمح التي اضحت ذهبية اللون بعد اخضرارها وقد اسرّت لها شمس هذا الوطن بكلماتٍ من نور فانحنت السنابل اجلالاً لعطاء خالقها وايذاناً بان ما تحويه بطونها المعطاء من ثمارٍ قد اينعت واتت اكلها وحان قطافها ... لغة راقية لحوارٍ صامتٍ بين الشمس والسنبلة واليد الطاهرة وقد امسكت بالمنجل ، والقاماتُ المرفوعة التي بالرغم انها لا تنحني الا لله فانها كانت تنحني بحنوٍّ ورفقٍ على سنابل القمح وكانها تبتغي سبيلاً إلى ما استودعت شمس الوطن في السنابل من اسرار .

ثلاثية الشمس والارض والانسان ... سمفونية قرأتها القلوب الطيبة وعزفتها الايدي التي خشّن ملمسها طول العشرة مع سنابل القمح الذهبية ومع تراب هذا الوطن الغالي .... ثلاثية الشمس والارض والانسان ..رواية واقعيّة استمدت احداثها من تاريخ هذا الوطن الغالي الذي تواتر على قلوبِ من كانوا يأكلون الخبز من كد اياديهم السمر بفعل اشعة الشمس الساطعة ... وقد امتلأت خوابيهم بحبات القمح الذهبية وامتلأت قلوبهم الطيبة محبّةً للغيثِ والشمس ولتراب هذا الوطن الغالي .

النُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّدرةُ مشكلةٌ يبدوا ان هذا الوطن الغالي عانى ويعاني منها لاسباب قد يكون بعضها مفهوما ويستعصي البعض الاخر على الفهم والقبول ... ندرة المياه ... ندرة القمح ... ندرة مصادر الطاقة ... سلسلة مرتبطة الحلقات تستدعي من القائمين على الامر في هذا الوطن المزيد من العمل والتخطيط وبعد النظر .

قرأنا قبل ايام اخباراً عن نية الحكومة الموقرة البدء بتنفيذ مشاريع توليد الطاقة من مصادرها المتجددة واول واهم هذه المصادر .. هو شمس هذا الوطن الساطعة ... اخبارٌ تثلج الصدر ويفرح لها القلب... ان نرى في هذا الوطن من ابنائه من يعمل على فهم (شيفرة) لغة الشمس والارض وفك رموزها كما فعل الآباء والاجداد منذ ان كانوا يهزجون حداءً وغناءً بين مروج القمح ... منجلي ومنجلاه ... راح للصايغ جلاه ... ثم ياتي الشتاء ولا يتوقف الحداء ... يا الله الغيث ياربي ... تسقي زرعنا الغربي ... يا الله الغيث يا دايم ... تسقي زرعنا النايم ... يا الله الغيث يا رحمان تسقي زرعنا العطشان .
نحن الاردنيون نرنوا ونامل ونتطلع لان نجد بين ظهرانينا من يعقد العزم ويشحذُ الهمة ويعدُّ لمواسم حصادٍ واعدةٍ مناجلَ من حديدٍ فيه بأس شديدُ ... مناجل من ارادة اصلب من الصخر ومن همّةٍ تسموا فوق السحاب تحملها وتحركها جيئة وذهاباً ايدي طهّرتها مياه الوطن وانفسٌ عصيّةٌ على التدنيس والفساد والافساد ... لا تقبل بالنقيصةِ ولا ترتضي الدنية في وطنٍ او دينٍ او عرض ... دوماً صادقة النوايا متوكلةً على الله ولسان حالها يقول : يا الله الغيث يا ربي .

التفوق على الندرة ... هدف نرنوا اليه جميعا ... مواسم الحصاد الواعدة الطيبة النائية عن ايدي الفاسدين هو مرادنا ومطلبنا ... نعم نحن بحاجةٍ لسواعد نظيفة وصلبةٍ تحمل المناجلَ صقيلة الحدّ كريمة المعدن تحصدُ الخير من كل صنفٍ ولون ... تحصدُ الغيث الاتي من السماء ... تحصدُ الزّيت من حجارةٍ سمرٍ تربضُ فوق تراب هذا الوطن منذُ الازل ... تحصدُ الخير من ثرواتٍ مكنونةٍ في باطن الارض التي طيّبها عرق ودم وريح السلف الطيب من اهلها على مرّ التاريخ تحصد هبوب الريح وضياء الشمسِ فتملا خوابي هذا الوطن بما يدفىءُ شتاءه ويضيء ليله كما اضاء نهاره وعندها( سنحدي) فرحاً وبشراً على ترانيم من مضى راشداً من اجدادنا .... منجلي وامنجلاه ... راح للصايغ جلاه .

صالح ابراهيم القلاب