قانون مكافحة الإرهاب: ضجة مفتعلة ومرفوضة!
صالح القلاب
يحق لنقابة الصحافيين ولغيرها الإعتراض على بعض مواد قانون مكافحة الإرهاب ولكن لا يحق لها أنْ ترفض هذا القانون الذي غدا ساري المفعول بعد صدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة عليه وبعد إقراره من مجلس الأمة بجناحيه، الأعيان والنواب، فـ»رفض القوانين» يعني التمرد على الدولة والأصح هو الإلتزام بها مع الإحتفاظ بحق مطالبة الجهات المعنية وتحديداً مجلس الأمة بإعادة النظر ببعض البنود التي ترى هذه النقابة وغيرها أنها قد تمـسّ بالحريات العامة.. ورأيي أنه لا يوجد أي مـسٍّ لا بالحريات الصحفية ولا بالحريات العامة لا من قريب ولا من بعيد.
كان بلدنا قد اكتوى بنيران الإرهاب عندما تعرضت ثلاثة فنادق في عام 2005 لتفجيرات إجرامية أشرف عليها ونفذها عدد من الذين ثبت أنهم كانوا في أفغانستان وأنهم عملوا في صفوف «القاعدة» ولهذا فقد جاء في الفقرة «ج» من المادة الثالثة في قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي غدا نافذاً بعد توشيحه بالإرادة الملكية السامية أنَّ :»الإلتحاق بأي جماعة مسلحة أو تنظيمات إرهابية أو تجنيد أشخاص للإلتحاق بها وتدريبهم لهذه الغاية سواء داخل المملكة أو خارجها أعمالاً إرهابية محظورة» وكذلك فإن الفقرة «ب» من المادة الثالثة نفسها تنص على أنَّ :»القيام بأعمال من شأنها تعريض المملكة لخطر أعمال عدائية أو تعكر صلاتها بدولة أجنبية أو تعرض الأردنيين لخطر أعمال ثأرية تقع عليهم أو على أموالهم» ثم وأن الفقرة «هـ» تنص ، ويبدو أن هذا هو بيت القصيد، على أن :»استخدام نظام المعلومات أو الشبكة المعلوماتية أو أي وسيلة نشر أو إعلام أو إنشاء موقع إلكتروني لتسهيل القيام بأعمال إرهابية أو دعم لجماعة أو تنظيم أو جمعية تقوم بأعمال إرهابية أو الترويج لأفكارها أو تمويلها أو القيام بأي عمل من شأنه تعريض الأردنيين أو ممتلكاتهم لخطر أعمال عدائية أو إنتقامية تقع عليهم».
إنَّ هذه هي النصوص المعنية في قانون مكافحة الإرهاب الجديد.. فما هو العيب فيها وأين هو المس بالحريات الصحفية والحريات العامة.. وهل المطلوب هو ترك بعض المواقع الإلكترونية المشبوهة والمتورطة أساساً على «حلِّ شعرها» لتواصل مهمة تحولها إلى أبواق تروج للتنظيمات الإرهابية.. وأول هذه التنظيمات هو :حزب الله الذي غدا تنظيماً إرهابياً والذي استهدف الأردن مرات عدة ولا يزال يستهدفه حتى الآن..؟!.
إنه واجب وطني وقومي وإنساني أن نكون مع الثورة السورية.. لكن هذا لا يعني أنه علينا أن نفتح أبواب بلدنا لكل هذه التنظيمات الإرهابية التي غدت تجتاح المنطقة كلها باسم :»الجهاد في سبيل الله».. وإنه لا يعني إطلاقاً أن نترك أبناءنا يلتحقون بهذه التنظيمات ليعودون إلينا قتلة منتفخين بالأحقاد وليفعلوا ما فعله الذين أدموا قلوب الأردنيين وأوجعوا أرواحهم باستهدافهم لثلاثة من فنادق عمان وقتل أناس أبرياءٍ وتدمير ممتلكات دفع أصحابها أثمانها من عرق جباههم.. ومن كدحهم وشقاء أعمارهم إنْ في الداخل وإن في الخارج.
إننا مع الثورة السورية.. لكننا ضد أيِّ مشاركة من غير أبناء سوريا في هذه الثورة ولهذا فإننا كما نرفض «داعش» و»النصرة» وغيرهما فإننا نرفض كل هذه الجماعات والمجموعات والشراذم الطائفية والمذهبية التي استوردها نظام بشار الأسد من العراق وإيران ومن باكستان وأفغانستـان ومن كل حدب ٍ وصوب والمثل يقول :»لا يحرث الأرض إلاَّ عجولها» ومعنى هذا أنه غير جائز وإطلاقاً أن نفتح حدودنا حتى لأبنائنا من أجل التسلل والذهاب إلى سوريا للإنضمام لأيٍّ من التشكيلات المقاتلة بحجة :»الجهاد في سبيل الله».. فهذه المهمة هي مهمة الشعب السوري.. وإن له علينا وعلى غيرنا المساندة الإعلامية والسياسية والمالية.. واحتضان أبنائه الذين جاءوا إلينا لاجئين هروباً بأرواحهم وأرواح أبنائهم.
الآن كل دول العالم وبخاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية تبادر إلى اعتقال أي عائدٍ من أبنائها من سوريا تفادياً لأن يتحول هؤلاء إلى خلايا إرهابية في بلدانهم.. وهذا ما يجب أن نفعله نحن تنفيذاً لنصوص وأحكام قانون مكافحة الإرهاب الجديد ثم وإنه لابد من الإشارة، ونحن بصدد الحديث عن هذه المسألة، إلى أن كل دول العالم تمنع الترويج للإرهاب والتنظيمات الإرهابية وأن كل دول الحريات العامة لا تترك المواقع الإلكترونية تفعل ما تشاء ولا تسمح لها بالإعتداء على حريات الآخرين باسم الحريات العامة وهذا خلافاً لما يجري عندنا هنا حيث إلى جانب المواقع الجدية والجادة هناك مواقع «صفراء» تؤجر نفسها لكل عابر سبيل ولكل من يريد الإنتقام من خصْم إنْ لدوافع سياسية وإن لأمور ثأرية شخصية.