أرقام وطنية لأشجار الأردن

لماذا تقوم الحكومة بإحصاء السكان، ولماذا تقوم وزارة الزراعة بإحصاء الأغنام والمواشي، وتسجلها بأرقام ، وتضطهد الأشجار ولا تعتبرها من مواطني الأرض الأردنية، فتهمشها وتسمح بالاعتداء على مواطنتها، وتسمح للبلطجية ( أي حملة البلطات بالمصطلح العثماني ) بممارسة ذبح الأشجار والاعتداء على مواطنتها ..؟ لماذا لا تسجل وزارة الزراعة الأشجار بأرقام موثقة أسوة بأرقامنا الوطنية، وتعتبرهن مواطنات من الدرجة الممتازة ..؟
المواطنة – الشجرة، تثمر وتطعمنا، وتمتد وتظللنا، وتهتز فتجلب الرياح والرطوبة والمطر، وتزهر فتفرحنا وتزهر معها قلوبنا المعطوبة والمذبوحة بالضرائب وارتفاع أسعار المحروقات، ألا يكفينا في الأردن أن الشجرة تبعث الارتياح على مساحات الجباه الأردنية المتجهمة بالفطرة ( ..؟ )
نذهب في نزهة فنكسر الأغصان، ونحرق بنات الشجر من أجل حفلة الشواء الأردنية المشهورة، فلا تنقلب الأشجار الأردنية الطيبة علينا .. لا تمتنع عن الإزهار وإعطائنا الثمر .. وهي بالمناسبة لا تتظاهر ولا تعلن الإضراب مثلنا .. إنها من جينات الجدات الطيبات اللواتي خلقن للعطاء والعمل بلا تذمر ولا احتجاج ولا عصيان .. إنهن مواطنات من الدرجة الممتازة، وعلينا أن نتعلم منهن المحبة والرأفة والرقة والإيثار، هن لا يتهافتن على الكراسي ولا يقتلهن الحسد ولا الغيرة .. جداتنا الأشجار يعرفن أن التراب الغالي للوطن أثمن من كل الكراسي، والعجيب أن هؤلاء الجدات يمنحننا الكراسي من جذوعهن الراسخة في الزمن الأردني الضارب في العمق، نصنع الكراسي التي نتهافت للجلوس عليها، وننسى قلوب هؤلاء الجدات ونحن نجلس على خلاياهن الطيبة، ونسمح للفؤوس والبلطات باغتيالهن بدم بارد ..!
دعونا نتذكر أن بعض هؤلاء الجدات يرجعن إلى العصور الرومانية، وأننا وإن كنا نعترف لهن بأنهن معمرات، و( روميات ) لكننا لا نرحم ( كبرهن ) ونسمح للقتلة منا باجتثاث العقود الراسخة لبيعها في الأسواق بلا رحمة ولا قداسة ..!
وزارة الزراعة مقصرة وتسمح بالتآمر على مواطناتنا من أشجار الوطن اللواتي صبرن على ظلمنا وقسوتنا، أعطوا الحماية لأشجارنا وامنحوهن أرقاما وطنية أسوة بالأغنام والماعز . ودعونا نتذكر أن عمر الخراف والماعز محدودة وتنتهي ببطوننا وعلى موائدنا وتتربع رؤوسها على المناسف في كل أنحاء الوطن، في حين أن الأشجار أبقى لنا، تعمر عقودا لا تنتهي .. نذهب نحن الذين نغرسها وننام تحت تراب الوطن، وتبقى جداتنا ومواطناتنا الأشجار لتظللنا ونحن في غفوتنا الأبدية .. سجلوا أشجار الوطن في دائرة إحصاء خاصة بوزارة الزراعة، واحموها وامنحوها دستورا يحميها كما يحمينا دستورنا الغالي .. فالعقوق ليس من أخلاق هذا الوطن المعطاء المضياف، فلماذا تغتالون الأشجار إذن ..؟ لماذا ..؟ وإلى متى ..؟ نريد مواد مكتوبة في دستور الوطن تنص على حماية الشجر وتسجيله، وتؤكد مواطنتها وحماية الدولة لهذه المواطنة .. ولا يكفى نصوص دائرة الحراج وتقارير الطوافين .. كلها لا تكفي ..!