كيري في عمان.. لماذا عاد الآن؟!
في المعلومات أن وزير الخارجية الأمريكي سيصل إلى عمان وسيلتقي مسؤولين رسميين هنا، إضافة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
الأرجح أن هناك ملفين رئيسين يتأبطهما كيري، شراً أو خيراً، اولهما ملف الحكومة الفلسطينية، وشراكة حماس بهذه الحكومة، وهي شراكة تأمل واشنطن ضمنيا ان تحوِّل حركة حماس من حركة مقاومة الى حزب سياسي شريك في السلطة، بشروط واشنطن.
ثانيهما ملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المتعثرة، وهو تعثر لم يكن غريبا، لأن الحكومة الاسرائيلية كما سابقاتها تشتري الوقت عبر لعبة التفاوض، لإكمال مصادرة ارض الضفة الغربية وتهويد القدس.
منذ اوسلو حتى اليوم، نفذت اسرائيل اهم مراحل في مشروعها الاستراتيجي، بأقل كلفة ممكنة مقارنة بفترات سابقة.
وفقا لآراء محللين فإن واشنطن لا تعترض على المصالحة الفلسطينية ولاعلى شراكة حماس في الحكومة، ما دامت قد تصبح مصالحة وظيفية في نهاية المطاف، أي تخلي حماس ضمنيا عن حدَّتها ميدانيا، نحو معايير سياسية، ومجرد الشراكة في الحكومة الفلسطينية، يعني قبول ذات مظلة الالتزامات السياسية التي تنطبق على رام الله الرسمية.
هذا مع الإقرار هنا أن حماس اصيبت بحمى المواءمة بين واقعها وما حولها، وليس ادلَّ على ذلك من الهدنة الميدانية الثابتة التي لا يتم خرقها عبر حدود غزة.
لو كانت المصالحة الفلسطينية بلا شراكة في الحكومة، لاعترضت عليها واشنطن، لأن المصالحة بلا شراكة في الحكومة، أقل في فاتورتها على حماس، من الشراكة في الحكومة.
كيري على الأغلب يريد توظيف المصالحة والشراكة في الحكومة لغايات توريط حماس في شرعنة التفاوض، وإدخالها ضمنيا الى الملف الثاني الذي بحوزته، أي المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وبالتأكيد لا يمكن أن نفصل المباركة الامريكية لحكومة الشراكة، عن الهدف النهائي لواشنطن بحيث تتحول المصالحة الى جسر لتقليم أظافر حماس.
في المقابل فإن تل أبيب لديها رأي مختلف ضمنيا، وليس أدلَّ على اعتراضها على كل مخطط المصالحة والشراكة في الحكومة الجديدة، من منعها لوزراء في الحكومة المنتظرة من مغادرة غزة الى رام الله، وتل ابيب هنا، تريد ذات الهدف الأمريكي غير انها تطبقه بطريقة مختلفة.
كل مشروع المصالحة والشراكة في الحكومة بات عنصرا يتم توظيفه في الملف الثاني، أي المفاوضات، فإسرائيل تستفيد من المصالحة والشراكة للاعتراض وعرقلة المفاوضات بذريعة التقارب بين حماس والسلطة، فيما حماس تريد المصالحة للخروج من ضنك الإقليم وحصاره، والسلطة الوطنية تريد المصالحة لغايات الضغط على إسرائيل، من جهة، ولغايات استعادة مساحتها من الضفة الى غزة، ولهدف يتعلق بمد ظلال أي حلّ محتمل على كل الأرض الفلسطينية، حتى لا تبقى غزة خارج قدرة عباس، اذا حدث هناك حل.
كيري يصل الى الأردن، وليس معروفا إذا ما كان سيتوجه الى تل أبيب، ومهمته هذه المرة معقدة، اذ كان يجول ويصول حاملا ملفا واحدا ثقيلا، وإذ به أمام ملف مواز يساعد أو يعرقل ملفه الأول، وهو هنا يريد الربط بين الملفين بشكل واضح، لاستحالة فصلهما عن بعضهما البعض، أي حكومة الوحدة من جهة، والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من جهة أخرى.
هواجس حماس ما زالت حادة، وهي تستطلع توظيفات مبكرة للمصالحة والشراكة في الحكومة، بما يصب في مصلحة الإسرائيليين، وليس أدلَّ على ذلك من توجسها خيفة من نية رام الله إلغاء وزارة الأسرى واستبدالها بهيئة.
هذا يعني أن فواتير أخرى مقبلة سيتم تنزيلها باسم الشراكة والوفاق والمصالحة، على اكتاف حركة حماس، ما يعني أن كل مشروع الشراكة مهدد بشكل أو آخر.
قبل ان يصل كيري الى عمان، سنكتشف أن اطرافا كثيرة ستسعى لحسم هذه الملفات قبيل قدومه، وبعضها سيظل عالقا لمفاوضة الوزير كيري عليه.
هذا يقول في المحصلة ان كيري الذي فشل بكل مهمته، قد تنتظره خاتمة اكثر سوءا لمهمته، في ظل توقيت زيارته وتعقيدات المشهد خلال الفترة الماضية.
يضيع الوقت فلسطينيا، بقصص مختلفة، فيما إسرائيل تضع مدماكا جديدا كل صباح في مشروعها، وتصير مهمة العالم مشاغلتنا، حتى تتاح الفرصة للاحتلال، لإكمال مشروعه.
زيارة كيري لن تكون كسابقاتها هذه المرة.