حكومة النسور: حمولة زائدة

منذ تسلم رئيس الوزراء، د.عبدالله النسور، وسام النهضة العالي الشأن من الدرجة الأولى، عاد الحديث عن إمكانية رحيل الحكومة، أو إجراء تعديل موسع عليها.
تفسير حصول الرئيس على الوسام أخذ أكثر من منحى. إذ قرأه مراقبون بأنه "تكريم نهاية خدمة" في "الدوار الرابع"، فيما رأى فيه آخرون تعبيراً عن ثقة وتقديرا لأداء غير مسبوق لرئيس وزراء؛ طبق بشجاعة كثيرا من القرارات الإصلاحية الصعبة التي لم يجرؤ من سبقه على الإقدام عليها، وعلى رأسها تحرير أسعار المحروقات، ووضع جدول زمني للتخلص من دعم الكهرباء.
عمليا، تبدأ الدورة الاستثنائية لمجلس النواب اليوم، والتي يمكن أن يستمر انعقادها، نظرياً وبحسب الدستور، لغاية 30 أيلول (سبتمبر) المقبل. إلا أن المعلومات الأولية تشير إلى احتمالية استمرارها لمدة شهر، لتفض مع حلول رمضان. ثم تعقد استثنائية ثانية للانتهاء من التشريعات المدرجة، فيما ترشح معلومات تؤكد أن انعقادها سيستمر لغاية آب (أغسطس) المقبل. وهو ما يعني بقاء الحكومة حتى ذلك التاريخ على أقل تقدير.
الدورة البرلمانية الاستثنائية تحمل على جدولها كثيرا من القوانين المهمة، وعددها 13 قانونا، بينها مجموعة من التشريعات المطلوب مواءمتها مع التعديلات الدستورية، وعددها خمسة قوانين، تحتل أولوية في الإقرار، قبل الأول من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بحسب ما ينص الدستور، وأبرزها قوانين الضريبة، والاستثمار، والأحزاب.
بعيدا عن الوسام والتأويلات التي تنسج حوله، يبقى تقييم أداء حكومة النسور الثانية مطلبا بعد نحو عام على تشكيلها. فرغم التقييم العام الإيجابي لأداء الرئيس، رسميا على الأقل، إلا أن أداء العديد من الوزراء بحاجة إلى إعادة نظر، نتيجة للانعكاس السلبي لعملهم على وتيرة الإنجاز بشأن كثير من الملفات الملحة.
فمن مصلحة الرئيس نفسه، قبل غيره، التفكير جديا في تعديل حكومي، يقوّم الاعوجاج الذي يلف أداء عدد من وزرائه، ويضر نتيجة لذلك بخطط الحكومة لتحقيق منجزات يلمسها الناس، غير تلك المتعلقة بتصاعد الأسعار وارتفاع كلف المعيشة.
التقييم الأولي للأداء يشير إلى أن التعديل إن تم، فلا بد وأن يشمل 6 حقائب في قطاعات خدمية وتشريعية على الأقل، يلمس المراقب عدم كفاءة في عمل وزرائها، وبشكل يؤخر حل مشاكل جوهرية يعاني منها الاقتصاد.
قرار التغيير الحكومي يتخذ من قبل صاحب القرار، فيما التعديل يرتبط بالرئيس مباشرة. وينقل مقربون من د.النسور أن لديه ملاحظات على عدد من أعضاء فريقه، كما وجود توتر في علاقته مع عدد آخر من هذا الفريق، الأمر الذي يدفع إلى ضرروة التفكير بإجراء تعديل حكومي.
أغلب الظن أن توتر العلاقة بين الرئيس وبعض فريقه، يجعله يفكر بإجراء التعديل ليشمل وزراء "التوتر"، كما يعينه، في الوقت ذاته، على إضافة شخصيات جديدة لفريقه، تساعده على تسريع وتيرة العمل، لتخفيف الشكوى من الحكومة.
ثمة حمولة زائدة في مركب النسور، يلزم اتخاذ موقف بشأنها. والرئيس بذكائه المعهود، وخبرته الطويلة، الأقدر على تقييم فريقه. إذ بالإمكان التأشير إلى كل وزير وذكر نقاط قوته، وضعفه أيضا، من قبل المتابعين، فكيف الحال مع النسور، الذي تعامل معهم لفترة طويلة.
بعد أن تكشفت عيوب الفريق، وظهرت نقاط الضعف، باتت ضرورة إجراء تعديل طال انتظاره. والهدف ليس تغيير وجوه لها جميعها الاحترام، وإنما الغاية ضخ دماء جديدة تقدر على إحداث الفرق المطلوب.