"الملكية": أسئلة تتكاثر
في التسريبات، أن الحكومة ستشتري حصة رئيس الوزراء اللبناني السابق، نجيب ميقاتي، والبالغة 19% من أسهم شركة "الملكية الأردنية"؛ وأن صفقة الشراء هذه خاسرة، إذ سيتم شراء السهم بما يعادل ثلاثة أضعاف قيمته السوقية. ووسط مديونية الشركة المتراكمة التي تقارب ربع مليار دينار، يبدو ما تفعله الحكومة -إن صحت التسريبات- غريباً، يحتاج إلى توضيح للرأي العام، بشأن مبررات تعويض أحد مساهمي "الملكية" عن ملكيته، كما بشأن الدوافع التي تقف خلف تدخل الحكومة من جديد في الشركة، وهي التي باعتها قبل ست سنوات.
وثمة أسئلة كثيرة تحوم حول وضع الشركة، فلا تقف عند الوضع المالي وطريقة معالجة الخسائر، بل تتعداهما إلى ما هو أبعد. وفي هذا السياق جاءت المذكرة التي أصدرها النائب مصطفى الرواشدة، رئيس لجنة النزاهة والشفافية وتقصي الحقائق في مجلس النواب، وطالب فيها وزارة النقل بإجابات عن ملفات متعددة تخص طريقة إدارة الشركة، وأسباب خسائرها منذ العام 2011، إضافة إلى تفاصيل تملك وتأجير طائرات "البوينغ"، ومثلها أيضا طائرات "الإيرباص" و"الإمبراير". وفي موازاة ذلك هناك أسئلة مشروعة تتعلق بمقدار ما تدفعه "الملكية" للشركات التي كانت تتبع لها. وبما أن هذه الشركات (صيانة الطائرات، والتموين، وصيانة المحركات، والتدريب التشغيلي، والأسواق الحرة) تحقق أرباحا، فكيف تدفع لها مبالغ بالملايين شركة خاسرة؟
وتقف ديون "الملكية" لمصفاة البترول الأردنية، والبالغة 70 مليون دينار، كعنوان آخر لتساؤلات لجنة النزاهة النيابية. فيما تنتظر اللجنة إجابات عن أسئلة الإنفاق في الشركة، عقب معلومات تشير إلى وجود ما يزيد عن 32 مديرا أو مديرا تنفيذيا فيها. ومثلها أيضا أسئلة لا تقل أهمية عن أعضاء مجلس إدارة الشركة، والأسس التي عينوا بموجبها.
كلما سألت شركة كبيرة عن أسباب خسائرها في السنوات الأربع الماضية، جاء الرد سريعا بأن سببين وراء ذلك هما "الربيع العربي" و"أسعار الوقود". لكن النائب الرواشدة أورد في مذكرته أن لجنة النزاهة تريد الوقوف على مسببات الخسائر عدا هذين السببين. إذ كيف يظهر خط حيوي، مثل خط عمان-أربيل، خاسرا والطائرات تنتقل بين المدينتين محملة بالركاب ولا مكان فيها لراكب إضافي؟ كما أنه في ذروة احتجاجات "الربيع العربي"، كانت رحلات الشركة من وإلى القاهرة وصنعاء وطرابلس الليبية كاملة العدد بالنسبة للركاب، ذهابا وإيابا!
ملفات "الملكية" شائكة ومركبة ومزمنة. وتبدو أسئلة لجنة النزاهة بشأنها مشروعة، بل ومطلوبة؛ حتى يتسنى الوقوف على حقيقة أوضاع الشركة، بعيدا عن الصمت الذي استمر سنوات، وأفرز هذا التراكم المقلق للخسائر. كما أن نظرة الحكومة المالية للشركة تنطوي على أخطاء كبيرة، لم تبدأ ببيع حصتها في العام 2008، ويبدو أنها لن تنتهي بصفقة شراء خاسرة لأسهم ميقاتي، والتي قد تتم على حساب صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي.