طرد السفير وأعاجيب التحليل السياسي!
أخيرا اتخذت الحكومة القرارالذي تأخر كثيرا باعتبار السفير السوري السابق بهجت سليمان شخصا غير مرغوب فيه والطلب منه مغادرة الأردن. هذا القرار كان يجب أن يتخذ فورا بعد أن هدد السفير الأردن بصواريخ اسكندر، أو بعد أن سخر من مجموعة من السياسيين والنواب الأردنيين أو في سياق تنظيمه المستمر لمجموعة من الإعلاميين والسياسيين المؤيدين له والذين يعملون على دعم النظام السوري على حساب مصالح الأردن نفسها.
تعددت التفسيرات حول «توقيت» طرد السفير وطبعا قضية التوقيت هذه لها تاريخ طويل مع تفكيرنا الجماعي لأنه مع كل حدث لا بد من ربطه بالتوقيت. لو حدث الطرد قبل اسبوع أو شهر أو سنة أو بعد 3 اشهر سيخرج علينا ايضا من يقدم تفسيرات تبدأ بمناورات الأسد المتأهب ولا تنتهي عند تعيين فلان في موقع ما في المعارضة السورية. أقرب الاحتمالات إلى رأيي الخاص هي إمكانية حدوث إساءة جديدة من السفير السوري في حفل الاستقبال الذي شرفه جلالة الملك بمناسبة عيد الاستقلال حيث يظهر الفيديو رد فعل منزعج من قبل الملك بعد ثوان من السلام على السفير علما بأن الملك استقبل السفير بابتسامة غابت بعد لحظات ربما بسبب تعليق خارج عن آداب اللياقة خرج من السفير كما حدث في عدة حالات سابقة.
ما يثير مزيجا من الحزن والغضب أن نسبة لا يستهان بها من السياسيين والإعلاميين ابدت انزعاجها من طرد السفير لأسباب مختلفة مما يظهر وجود تأييد وتعاطف مع شخص لم يحترم اصول الضيافة ولا الآداب الدبلوماسية المعمول بها. أحد التعليقات التي انتشرت من قبل مواطنين وسياسيين وإعلاميين على حد سواء هو «لماذا لم يتم طرد السفير الإسرائيلي؟ هذه النظرية في التفكير غريبة جدا وأعجر عن فهمها ولكنها تتكرر منذ 3 سنوات تقريبا فإذا قصف الجيش السوري شعبه يقولون «إسرائيل تقصف الفلسطينيين» وإذا ارتكب مذبحة ضد مدنيين في قرية ما يقال بأن إسرائيل تقوم بذلك ايضا. هل يعني ذلك أننا يجب أن لا ننتقد جرائم النظام السوري ولا نطالب بطرد سفيره الذي تجاوز التقاليد إلا بعد طرد السفير الإسرائيلي؟ وهل من الفخر لمنظري اليسار والقومية ومؤيدي النظام السوري أن يقوموا بمقارنة تصرفات النظام السوري ورموزه في كل حالة مع إسرائيل؟
طالبنا كثيرا بطرد السفير الإسرائيلي نتيجة سلوك دولة العدوان وأن يكون ذلك رسالة لإسرائيل نفسها وليس للسفير شخصيا، ولكن في حالة السفير السوري المشكلة الأساسية هي في شخصية السفير المستفزة والاستعلائية والاستخباراتية. طرد السفير السوري لا يعني تغييرا في الموقف الرسمي ولا توجد مشكلة في استقبال اي سفير سوري يحترم آداب الضيافة والعلاقات الثنائية في حال وجد مثل هذا الشخص في أروقة النظام السوري!
طرد السفير السوري بهجت سليمان قرار سليم مشكلته الوحيدة فيما يتعلق بالتوقيت أنه كان يجب أن يتم منذ مدة طويلة، ولا داعي للفذلكة في ربطه بمتغيرات سياسية تتم بشكل يومي في الساحة السورية منذ 3 سنوات!