أزمة (الملوخية والمنسف) !!

في كل عام لا بد ان يكون هناك موقف (سلبي) يعزز وحدتنا الوطنية ويعيد تأكيد اننا شعب واحد ودم واحد من مختلف الاصول والمنابت.. في كل عام لا بد ان يخرج علينا ضعاف النفوس ليؤكدوا لنا ان الهم كبر واتسع، وان الجرح نما واوجع، وان (الملوخية) ستبقى علامة فارقة في تاريخنا السياسي وان (المنسف) سيبقى عنوانا بارزا لمسيرتنا النضالية.. ان لم تعجبك البلد (ملوخياتك) وعلى الجسر !! .. هكذا بكل بساطة ننسف كلما كان هناك مناسبة قيمنا الوطنية والاخلاقية ونكشف عن زيف ادعاءاتنا بالوحدة الوطنية.

يقول رئيس وزراء سابق في احدى المحاضرات: ماذا صنع بنا المهيمنون؟! صنعوا منا صناعة اقليمية..

فالاردنيون لديهم ثلاث شخصيات:

الشخصية الاولى: اذا التقى اللي أصلهم شرق اردني مع بعضهم بعضا يقولون: البلد بلدنا، جبناهم، وشاركناهم بالاكل، اشتروا (الوطايات)، أكلوا الاقتصاد، احنا حراس على اموالهم، راح نصير هنود في الاردن.

الشخصية الثانية: اذا التقى اللي أصلهم فلسطيني مع بعضهم بعضا يقولون: رعيان وحراثين، أجينا علمناهم وثقفناهم ونجرناهم، سوينالهم وطن، احنا اللي بنصنع الاموال ومن ضرايبنا بندفع رواتبهم.

بتجتمع الشخصيتين مع بعضهم بتطلع الشخصية الثالثة الكذابة: مجتمع المهاجرين والانصار، كلنا اردنيون من اجل الاردن، وكلنا فلسطينيون من اجل فسطين!!

قالها نكته.. لكنها مؤلمة، ففيها تلخيص عميق لما نعانيه من تبدل الوجوه والمواقف والاراء فيما يخص العلاقة بين مكونات المجتمع الاردني.. عقود مضت كانت كافية لأن تنسينا كل ما حدث في الامة من اوجاع والام ونكبات.. لكن الزمان والمكان والحديث الرنان فشلت حتى الان بأن تجمع انصار الملوخية وانصار المنسف في شعب واحد وقلب واحد ووطن واحد حتى تعود فلسطين..

اذا هو هدف سام لفئة ضالة مازالت لا تتوانى بأن تعزف نشازها في كل مناسبة حتى لا يهنأ الاردنيون بهذا الشعور الوطني الجياش.. فئة امنت بالملوخية شعارا.. وفئة امنت بالمنسف منهجا وعقيدة.. اما الاردن فقد ضاعت هُويته بين عروق (الملوخية) وشراب (اللبنية) !!

ليت انصار (الملوخية) يضعونها عنوانا للفرح بعد ان انجزوا اختراعا يرفع اسم هذا الوطن عاليا في المحافل الدولية.. سنقبل كيدهم بكل سرور طالما المستفيد هو الاردن.. وليت أنصار المنسف يقدمونه بعد اكتشاف كيفية استخلاص النفط من الصخر الزيتي فيستفيد الوطن والشعب من اكتشافهم.. سنقبل كيدهم بكل سرور طالما المستفيد هو الاردن.. ولكن لا نقبل ابدا كيدهم لبعضهم بعضا في مباريات كرة القدم فقط وكل فريق منهم اذا تعدى حدود الوطن بنطس على الاقل خمسة ـ صفر !!

60 سنة.. ووطني يتغلب على الازمات الا أزمة (الملوخية).. فندعو الله العلي القدير ان يهب الاردن من أصحاب القلوب الوطنية الطاهرة ممن يحبون الاردن بقدر حبهم لفلسطين بأن يطهروا لنا الاردن من كل أصحاب الدسائس والفتن التي تفرق بين ابناء الشعب الواحد ؟!! … يارب.