زيارة البابا فرنسيس أم زيارة دلال المغربي..

لزيارات القائمين على كبار المراكز معانٍ كثيرة.. يحاول كل طرف أن يستغلها لصالحه..

وهناك دائما إمكانيات لتفسير كل زيارة بطرق عدة..

لكن هناك مواقف في الزيارات لا تحتمل أكثر من تفسير..

 

وأنا في السابق كتبت عن كل زيارة من زيارات "المعصومين من الغلط” المسيحيين، وعن فتاوى المفتين من رجال الدين الإسلامي..

لست في صدد الخوض في الأديان.. وتعاليمها.. فهي مسألة في غاية التعقيد في منطقة تتحكم فيها السواطير والتعليمات الخفية البديلة لتعليمات الأديان والتي تحل أحيانا محلها..

لكني أملك شجاعة الخوض في مواقف رجال الدين.. التي لا تحتمل أكثر من تقسير.. وما تسبب مواقفهم من تشكيك في تفسير تعاليم الأديان، بسبب التناقضات التي تخلقها مواقفهم.. ولا أحد يحاسبني قانونيا على ذلك..

اليوم سأتكلم عن تناقض يخلقه البابا بزيارته للأرض المغتصبة… ورغم أن أهميته وأهمية زيارته للأرض المغتصبة لا ترتقي إلى مستوى زيارة دلال المغربي لنفس الأرض قبل سنوات.. بأي شكل من الأشكال.. أو أي زيارة متوقعة لمقاوم بطل في المستقبل.. إلا أنها قد تستوجب طرح بعض الأسئلة..

في البداية، لا بد أن أوضح أنني رسميا وإداريا وحسب قوانين البلد الذي أعيش فيه.. من أتباع البابا.. أي إنني كاثوليكي.. (رغم أن اسمي علي وهو اسم أحبه).. وبالتالي لا يمكن أن يؤخذ كلامي على محمل طائفي أو مذهبي..

ثانيا: من المهم أن يعرف كل من يقرأ كلامي أن البابا في المذهب الكاثوليكي معصوم من الخطأ.. يعني لا يغلط مثلنا.. بل يفعل ما يوحي له الله به..

وبالتالي أسأل كما سألت في الماضي، دون رد.. ماذا يعني وجود مواقف متناقضة للبابوات..؟؟ إذا كانوا جميعا معصومين من الغلط ويتصرفون بوحي من الله، ولأنهم غير مشركين، فالله هو نفسه في كل الأحوال وعند كل البابوات؟؟؟

عُرف أن هذا البابا التي تقل زيارته أهمية عن زيارة دلال المغربي.. سيزور قبر هرتزل.. ويضع عليه وردا..

وكلكم تعرفون من هو هرتزل.. الذي وضع خارطة الطريق لبناء الدولة العدوة الرئيسية للمسيح في نظر الكاثوليك الذين يتبعون البابا.. والتي تحاول أن تبني الهيكل الذي قال عنه المسيح أنه لن يبقى فيه حجر على حجر.. والذي قال عنها المسيح أنها لن تقوم!! وإذا تمكنت هذه الدولة من بناء الهيكل.. فهي تنقض كل نبوءات المسيح..!!

إذن البابا سيزور قبر هرتزل..

هرتزل هو من لم يقبل البابا بيوس العاشر سنة 1904 التعامل معه.. حين طلب هرتزل منه دعمه في إنشاء إسرائيل.. وقال له "بإيحاء من الله طبعا”: إما أنك لا زلت يهوديا وبالتالي أنت ضد المسيح والمسيحيين والمسيحية، وإما أنك تحولت إلى مسيحي، كما يطلب المسيح من اليهود!!! وفي الحالتين لا تحتاج لإسرائيل.. وأنهى المقابلة مع هرتزل.. ولا يوجد تشكيك بموقف البابا من أي جهة حتى الآن.. كما كانت هناك تشكيكيات من أكثر من جهة بموقف السلطان عبد الحميد..

البابا الحالي فرنسيس يريد أن يعبر ، "بإيحاء من الله طبعا” عن اعتذراه عن موقف سلفه.. وكلاهما معصوم عن الغلط!!

هل لدى فقهاء الكاثوليكية تفسير.. ومن هو الغلطان.. لأ أعتقد أن الله هو الغلطان.. وإذا بقي البابا بيوس العاشر قرنا كاملا بلا غلط.. فأظن أن الغلطان سيكون فرنسيس الذي أتمنى أن لا يصبح قرضاوي الكاثوليكية.. رغم أنني أعود لأُذَكِّر بأهمية زيارة دلال المغربي وأمثالها من الأبطال.. وأنها تفوق أهمية زيارة أي زائر لا يحمل بندقية سواء كان البابا أو غيره!!

من حقي أن أنتظر توضيحات.. لكن هذا لا يعني أن البوصلة الرئيسية بالنسبة لي تتأثر بأي موقف.. سوى أن أرضي مغتصبة وعليها مجرمون يصلبونني كل يوم.. ومن يمد يده لهم يصلبني معهم..