زيارة البابا للعرين الهاشمي
أخبار البلد -أ.د. عصام سليمان الموسى
زيارة البابا الرابعة للعرين الهاشمي ذات دلالات سامية لا يستطيع اي مسيحي عربي الا ان يقف أمامها ويتأمل في معانيها القدسية.
ها هو الأردن يفتح ذراعيه وقلبه لاستقبال خليفة المسيح الناصري.. المسيح الفلسطيني الذي تعمد بماء الأردن على يد يوحنا المعمدان، النبي يحيى الذي قطع ملك ظالم رأسه في مكاور بعد رقصة سالومي الغانية، لأنه نطق بكلمة الحق.. تماما مثل يسوع يجلد من أعداء الحق لأنه يدعو الى المحبة ونبذ الكراهية.... «أحبوا أعداءكم باركوا لاعينكم» (متى:44)، وبعد جلده واهانته، يصلبونه لأنه يدعو لتحرير النفس من الخطيئة، ويعلن ان الناس متساوون أمام الآب السماوي، لا فرق بين يهودي او فلسطيني.
وتراهم كل يوم يا أبتي القادم من الفاتيكان يستمتعون بصلب شعب بأكمله، ويجلدونه ويذيقونه مر الهوان دون ان يرف لهم جفن.. وأمام أنظار عالم غربي يتشدق بكرامة الإنسان وحقوق الإنسان.. عالم أقل ما يقال فيه أنه تنصل من مسيحيته ورسالتها السماوية..
ومن قلب هذا العالم الغربي يجيء قداسة البابا حاجا مقتفيا خطى المسيح ومعتمدا بماء الأردن.. بالماء المقدس الذي ينبع من ثرى الأردن..مجددا رسالة سلام سيده وسيدنا عيسى ابن مريم البتول:»إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ» (سورة النساء 171).
ويستقبله عبد الله الثاني، حفيد الرسول العربي، بالكرم العربي الأصيل.. كيف لا وهو سبط رسول مكارم الأخلاق وسليل الدوحة الهاشمية المكرمة.. وحامي الأماكن المقدسة في فلسطين.
نرحب بك يا ابتي في هذا الحمى العربي الهاشمي، حمى الوسطية والاعتدال ورسالة عمان.. ونستذكر أمامكم قصة أجدادنا في قرية الرفيد في ثلاثينيات القرن الماضي حين مرض إمام مسجد القرية ولم يستطع ان يرفع الآذان في شهر رمضان المبارك، ولم يكن هناك كهرباء ولا سماعات بعد.. جاء المؤمنون المسلمون الى الخوري يوسف الناصر وطلبوا منه ان يسمح لهم بدق جرس كنيسة الرفيد عند الإفطار وعند الإمساك.. ورحب بهم الأب يوسف كأردني عربي أصيل، واختاروا من بينهم رجلا للقيام بالمهمة المقدسة. وعلى دقات جرس الكنيسة صام المسلمون وأفطروا في تلك القرية الوادعة التي احتضنت مسلميها ومسيحييها كأم رؤوم بتآلف أردني فريد من نوعه.
من على ثرى هذا الوطن المقدس، نعرف ونحن القابضون على الجمر بصبر، مسلمون ومسيحيون، ان قدرنا في الأردن (الوطن الهاشمي العربي) ان نحمي الأردن (النهر المقدس) من كل دنس.. ونقيم الكنائس الى جوار المساجد، مستذكرين مقولة الرئيس الفرنسي(جاك شيراك) في زيارته لعمان ووصفها بمدينة المآذن والكنائس..
ومثل عمان، بقية مدن الأردن وقراه، كما في منطقة المغطس، وفي القدس وبيت لحم، يُرفع الدعاء من المآذن مع دقات الأجراس في سيمفونية وحدة وطنية لا مثيل لها، تسبح الخالق ملك السماوات جل جلاله، ونهتف كلنا أبناء هذا الوطن المعطاء خاشعين بصوت واحد منادين لكي تسود المحبة والعدالة ويرجع الضال عن غيه..وتعود للشعب الفلسطيني حقوقه التي سلبت.. وتسود رسالة المحبة والسلام والأمن والوئام والتراحم في ربوع العالم.. كما بشر بها رسولا المحبة والسلام.. عيسى ومحمد..
أهلا بك يا أبتي القادم من الفاتيكان، اهلا بك في الأردن عرين الهاشمي عبد الله الثاني وشعبه العربي المتآلف القلوب.