الأردن في عين العاصفة الإرهابية


عندما يندلع حريق في الجوار، من المؤكد أن شيئا منه على الأقل سيطاول أطراف بقية الثياب، ومن ذلك اختطاف السفير الأردني في ليبيا، والتهديدات الأخرى، وكذلك تصفية ضباط من الجيش الحر في درعا على يد الجماعات الأصولية وكانوا قبلها في الأردن..

وهناك إشاعات عن دخول «بؤر أصولية» على خط الأزمة في معان.

ذلك كله، ليس أحداثا متقطعة لا صلة بينها، ولا تتعلق بحسابات محددة، بل هي سلة واحدة، محالة إلى ملفات إقليمية ودولية متشعبة، من الملف الذي ترعاه تل أبيب لانتهاز واستغلال الأزمة السورية وتصفية القضية الفلسطينية… إلى ملف الاستقطابات الحادة بين محورين خليجيين، دوليين، محور السعودية – الامارات، ومحور قطر – تركيا بتدخلاته الإيرانية أيضا.

ولا بأس من استخدام الحالة اللبنانية لمقاربة الحالة الأردنية على هذا الصعيد، فرفع الغطاء السعودي عن ظاهرة الأسير في صيدا وقادة المحاور في طرابلس وعرسال بعد أن تبين أن يد الدوحة- تركيا هي الغالبة فيها، وقد يصلح لتفسير ظواهر أخرى خارج لبنان ومنها ظواهر في الأردن، كما يصلح لتفسير الصوت العالي عند الجماعات الأصولية المدعومة من قطر وتركيا إزاء الأردن…

لذلك كله، فليس على الأردن أن ينام مطمئنا إلى الحاجة الاقليمية لاستقراره، وليس عليه أن يعول على أي أوهام بتجنيب نفسه الصراع مع الجماعات الأصولية المذكورة عبر تفاهمات ثنائية معها فما من جماعة أصولية خارج الأجندة المذكورة.

والخطير هنا أن ما يقال عن قيام بعضها باستهداف مواقع الجيش السوري انطلاقا من مناطق تحت السيطرة الاسرائيلية يؤشر على رائحة تل أبيب المعنية أولا وقبل كل شيء بازاحة الملف الفلسطيني شرق النهر، ليس من قبيل استبدال سلطة بسلطة أو وطن بوطن بل من قبيل «فوضى هدامة» اختبرتها في سورية ولم تنعكس عليها إلا سمنا وعسلا.

وبالمحصلة، فإن ما هو مطلوب بالاضافة لليقظة الأمنية المتعارف عليها في كل بلدان العالم، هو بناء أوسع جبهة سياسية من كل الأطياف والتيارات، تحافظ على الوحدة الوطنية أولا وتحصن البيئة الاجتماعية ضد الفساد والتجويع والتهميش وضد الفكر الظلامي ومنابره، وتخرج الأردن نهائيا، لا من فوق الطاولة ولا من تحتها من أي ترتيبات محدودة أو غير محدودة تستهدف أمن أية دولة عربية مجاورة. وقبل كل ذلك وقف أوهام التعايش والتفاهم مع رأس الحية في تل أبيب.