أحترموا عقول الاردنيين يا نواب الأمة ........ فمانح الثقة مسؤول عن سياسات الحكومة

بقلم / النائب : علي السنيد
سنة ونصف السنة العجاف مرت والاردنيون يكتوون بنار حكومة الأسعار، والتي وسعت بسياساتها الاقتصادية من دائرة معاناتهم، والحقتهم بخانة الشقاء، ووزعت الشكوى على كافة المحافظات، والقرى، وهبطت بالروح المعنوية للأردنيين، ودمرت أحلام الشباب، وأغلقت في وجوههم أبواب وطنهم، وحكمت بالقسوة، والجباية، ولم تعن بالمطالب التنموية للمحافظات، او بأن تجعل التنمية من أولويات الحكم ، وإنما جاءت بالجباية في وضح النهار.

وكانت حكما عضوضا، ضربت الروح المعنوية العامة، وأشاعت الإحباط، ولم تترك في حياة الأردنيين سوى ندوب الفقر والمعاناة والحاجة والبطالة والغلاء.

وقد تمكنت عمليا من ان تعيد عبء إصلاح خلل الموازنة العامة على حساب ملايين فقراء الأردنيين الذين مست بإنسانيتهم وبحقهم في العيش الكريم على ترابهم الوطني في حين حافظت على مكتسبات وامتيازات ورفاهية طبقة الحكم، ومن والاها من المتهربين ضريبيا، ومن فصلت الهيئات المستقلة على مقاسهم، ومن نهبوا الثروات الوطنية، وباعوا مقدرات الوطن، ومؤسساته العامة، وجنوا عمولاتها، وغدت غنائم سرقوها على مرأى الشعب الأردني الطيب، وأبقت على التشوهات الاستراتيجية التي تبقي عجز الموازنة قائما، ومستمرا إلى اجل غير مسمى.

وهذه الحكومة العضوض عملت على تنفيذ برنامجها دستوريا من خلال ارتكائها على أغلبية برلمانية تعتبر شريكة لها في المسؤولية عن برنامج الحكم الذي حازت على أساسه الثقة البرلمانية، ولا نستطيع أن نخلي طرفا من المسؤولية عن سوء السياسات التي مست بالطبقة الفقيرة في الأردن، وقد استبعدت كافة الخيارات التي دعت إلى توزيع عبء العجز في الموازنة على الجميع، وان تكون مسؤولية تقليصه مشتركة.

ومن منحوا الحكومة الثقة ، وسعوا إلى توسيع دائرة المنح ، وكانوا عرابي هذه الثقة، وقدموا خطابا مؤيدا للسياسات الحكومية، ومحضوها الثقة علنا ، وقد حكمت بموجب هذه الثقة لا يستطيعون اليوم، وقد شارفت على الانتهاء من برنامجها القاسي الذي أثقل كاهل الأردنيين - ولم يبق منه سوى رفع الدعم عن الخبز - ان يتنصلوا من تبعاته ، أو أن يدعوا أنها خالفت مبدأ الشراكة بعد مرور سنة ونصف السنة على عمل الحكومة، وقد سبق وان نصحناهم في الحوارات بان هذه الحكومة لا تبحث عن شركاء حقيقيين، وإنما عن شركاء تورطهم في المسؤولية.

كنا تنتابنا مشاعر الحزن على شعبنا، وهو يتعرض إلى اقسى أنواع الظلم الحكومي، وظهر ذلك وكأنه بمباركة برلمانية، حيث كانت الثقة البرلمانية هي اداة هذا الظلم، وكان واضحا ان الرئيس لا يحاور الأطراف البرلمانية، وإنما يملي وجهة نظره على البرلمان، وعندما تم التصويت له بالثقة كان ذلك ايذانا ببدأ برنامجه السياسي والاقتصادي الذي جاء من طرف واحد، وقد صوت النواب على بيان حكومته الذي تقدم لنيل الثقة على أساسه، وليس على تفاهمات أو وعود بالشراكة ليصار إلى الاكتشاف بعد مرور سنة ونصف السنة تقريبا بان الحكومة لم تحترم هذه الشراكة.

ونحن يجب أن نحترم عقل الشعب الأردني، فمانح الثقة من النواب شريك بالمسؤولية عن السياسات الحكومية الناجمة عن عملها السياسي، ولا يجوز خلط الأوراق أو التنصل من المسؤولية بالادعاء أن الشراكة فشلت او غير قائمة.

ففرق واضح بين من حسم أمره ابتداءا بالوقوف ضد برنامج الحكومة الاقتصادي، واجتهد محاولا حماية معيشة الأردنيين من سوء السياسات، وعلى الأقل لم يعط الشرعية لظلمهم باسمه ، أو بثقته، وأصر على رفض برنامجها من خلال الحجب، ودفع ثمن ذلك بالتضييق عليه، وحرمانه من الخدمات المستحقة لدائرته الانتخابية، وعوقب على موقفه السياسي. وبين من صوت في المرة الأولى بالثقة، وسعى إلى توسيع دائرة المنح، وأيد موازنة السنة الماضية التي احتوت على رفع أسعار الكهرباء ، ثم أعاد منح الثقة في المرة الثانية، وسعى إلى توسيع دائرة المانحين، وكذلك أيد الموازنة العامة ، وخطب لصالحها خطبة عصماء، وقد قاربت الحكومة على سنة ونصف السنة في شر أعمالها، وبعد اقل من شهر على تمرير كل هذه الثقات يأتي ليعلن أن الحكومة لم تكن تتيح له الشراكة، وانه بوارد ان يفض الشراكة معها. وهذه المواقف غير قابلة للتسجيل ، وقد جاءت للأسف متأخرة كثيرا....