قنوات استثمارية غائبة عن السوق...
تعتبر السندات مكونا رئيسيا وقناة استثمارية لا غنى عنها في البورصات والاسواق المالية الناشئة والمتقدمة، وفي بورصة وول ستريت / نيويورك كبرى البورصات العالمية يتم تقاسم التداول من سندات واسهم بنسبة 60% للسندات و40% للاسهم، وتتوجه نسبة مؤثرة من مدخرات الناس الى السندات، ويذهب خبراء الى القول ان اعدادا كبيرة من الامريكيين يعيشون على عوائد السندات باعتبارها ثابتة وموثوقة والاقل من حيث المخاطر الاستثمارية، وهي دين ممتاز بالنسبة للشركات والمؤسسات التي تستثمر في السندات، وهناك قائمة طويلة من انواع السندات والآجال، والقابلة للتحويل الى الاسهم ....
بورصة عمان التي تأسست قبل 36 عاما وشهدت نهوضا كبيرا ثم نكوصا مريعا جراء تطورات محلية واقليمية ودولية، لم تستطع مواجهة استحقاقات جراء هشاشة السوق ومحدودية القنوات الاستثمارية المتاحة، وفي مقدمة القنوات الغائبة السندات، علما بان السندات قادرة على المساهمة في تسريع وتيرة التنمية وتوفير اليات تمويل ميسرة وبكلف عادلة، وتشكل وسادة آمنة في ظل محدودية قدرة البنوك على الاقراض الطويل الاجل، ووجود السندات من شأنه ان يقدم خيارات متنوعة امام المستثمرين، نظرا لانخفاض المخاطر الاستثمارية لهذا النوع من الادوات في الاسواق والبورصات.
هناك من يعتقد جازما ان تأخير قيام سوق للسندات الى جانب الاسهم ليس من باب الصدفة او عدم الانتباه لاهمية هذه القناة الاستثمارية الآمنة والمطلوب، وانما تدخل ضمن المنافسة التي تحرص البنوك المرخصة على الاستحواذ على التمويل وفق مصالحها اولا وثانيا ومن ثم مصالح المقترضين شركات وافرادا بغض النظر عن تكاليف الاموال وصعوبة الحصول على التمويلات لكافة الاستخدامات، واصحاب هذا الرأي لهم وجهة نظر تحترم، بخاصة وان اصحاب الولاية والقرار في سوق رأس المال غالبيتهم العظمى من خريجي القطاع المصرفي والبنك المركزي، وهناك توافق في القرارات لحد كبير بينهم، خلافا لما هو معمول به في العالم.
في الظروف الصعبة وحالة التردد والغموض التي نشهدها، بالضرورة ان يتم اطلاق مرحلة جديدة لسوق السندات بما يتطلبه ذلك من تطوير قانون للسندات، واضفاء مرونة اكبر لهذه القناة الاستثمارية، وادخالها الى سوق رأس المال ( الاولية والثانوية) من اوسع الابواب، على غرار ما يجري في الاقتصادات المتقدمة والناشئة، اذ ليس المطلوب منا اختراع العجلة وانما المطلوب استخدامها لاطلاق مرحلة جديدة من العمل الاستثماري والتنموي، بحيث نحول مدخرات المواطنين بكافة احجامها الى قنوات الاستثمار، وفي ذلك مصلحة عامة للمدخرين والمستثمرين.
اما البنوك فسيكون لها دور في ذلك بالمساهمة في الادارة والتغطية، والاهتمام بالمنتجات والخدمات المصرفية بعيدا عن التمويل طويل الاجل الذي يؤرقها ويضعف بعضها...السندات اداة استثمارية لا يمكن القبول بتغييبها عن سوق رأس المال والاقتصاد الاردني.