تفكيك الإخوان أو «شقّهم»


لا يمكن رصد أية فائدة أو ثمرة «وطنية» ترتجى من وراء الإصرار على العبث في معادلة الاخوان المسلمين كما عرفناها وتعايشنا معها طوال العقود الستة الماضية.

لا يزال الاخوان المسلمون جزءا من النسيج الاجتماعي يتعاملون برشد وعقلانية مع الواقع، وهم بالتأكيد في الحالة الأردنية متباينون ومختلفون عن بقية الحالات في الجوار كما يقول الصديق مراد العضايلة.

ولا يزالون كجبهة سياسية بعمق شعبي يمتلكون – على علاتهم- باقة من الأدبيات التي تساهم في ترويج الاعتدال العام واشاعة الاستقرار الأهلي والحفاظ على الوحدة الوطنية.

لدينا ملاحظات على خطاب وأداء وباطنية بعض أركان الحركة الاخوانية في الأردن وخارجه، ولدينا مشكلات مع مسائل حيوية وأساسية لا بد من التحاور بشأنها وملاعبتها بالفكرة والحجة والبرهان بصورة مسؤولة.

ما زلت شخصيا أبحث عن إجابات على أسئلة محددة لها علاقة بموقف الاخوان الفعلي وليس اللفظي من الرأي الآخر وحقوق المرأة وحقوق الإنسان والدولة المدنية، ومازلت أؤمن بأن أدبيات الاخوان المسلمين لا تطمئننا بما يكفي عندما يتعلق الأمر بالقدرة الفعلية على بناء «شراكات» مع الآخر بصرف النظر عن هويته الفكرية والسياسية.

نلمس إجابات فردية وبالقطعة على مثل هذه الأسئلة من بعض الأصدقاء في الحركة الإسلامية لكن لا يوجد سجل مقنع في السياق من الممارسات الفعلية.

لكن هذه الملاحظات ومعها التساؤلات لا تعني التشكيك في وطنية وانتماء وولاء الحركة الإسلامية، ولا تقبل «استنساخ» برامج التشدد ضد الاخوان المسلمين التي أنتجت في دول مجاورة خائفة ومرعوبة بسبب مستوى وحجم الفساد والظلم والاستبداد فيها.

لا أرى مصلحة من أي نوع في مضايقة الاخوان المسلمين أو إقصائهم أو استهدافهم لا للنظام ولا للحكومة ولا للشعب، ولا أرى مبررا للعبث بأية معادلات لها علاقة بالحركة الإسلامية ودورها في تكريس الرشد العام.

قد يكون بعضهم في التنظيم الاخواني دفع بعض دوائر القرار في حالات محددة للارتياب، ودفعنا جميعا نحو القلق، لكن ذلك لا يعكس ولا يمكنه أن يعكس سياسات مستقرة أو مشرعنة.

نحذر الاخوان المسلمين من السماح لأي مظهر من مظاهر العبث داخلهم.

ونحذر الصف الرسمي من تلك الاجتهادات الشخصية ذاتية الهوى والمصلحة التي تصدر في الظلام عن بعض السياسيين الذين يحترفون تخويف مؤسسة الدولة من الاخوان للحفاظ على مصالحهم في واجهة القرار والإدارة.

لا يمكنني رصد ولو فائدة واحدة تنتج من «تفكيك» الاخوان المسلمين أو السهر على إغراقهم في مشكلات وسجالات وتصفية حسابات أو الحرص على إنتاج «انشقاقات» بينهم.