استمعوا لمعلميّ الوطن

أجمل ما في الحكومات أنها تجيد صياغة القرارات والمدونات والأنظمة بسرعات قياسية، وتحسم قراراتها بالإجماع وكالعادة المصلحة العامة وإعادة هيكلة للإقطاع الحكوميّ هي المبررات التي تساق بعد كل قرار، وتتناسى الحكومات أن القرارات الفردية وعدم الانصياع لمبدأ الشورى في قررات تمسّ كل بيت أردنيّ قد تعود بآثار سلبية على الأداء والدافعية لدى موظفنا الأردنيّ، والأمثلة كثيرة على فشل الحكومات في تنظيم الحياة السياسية والإعلامية والتشريعية في البلد، فالحياة الحزبية تلاشت بإجماع السياسيين باستثناء أحزاب قلة ما زالت تصارع في دوريّ المظاليم، أملاﹰ في تحسن الحال، وحياة تشريعية مازالت هي الأخرى في غرف الانتظار نتيجة قانون الصوت الواحد، وتراجع ملحوظ في الحريات العامة نتيجة الضغط الحكوميّ على مؤسسات الإعلام وفق آخر المراجعات الإعلامية لحرية الصحافة.

ومازالت الحكومة تمارسّ نفس النهج في سياساتها التعليمية وتعتقد أن النقابات المهنية خصماﹰ لها؛ لأنها تتسارع وتيرة الإصلاح في مقارها بسرعة تفوق سرعة الثورة البيضاء التي تنادي بها الحكومات بين الحين والآخر، فلا تعلم الحكومة وفريقها الاستشاريّ أن تحسّن حال الموظف الأردنيّ وتقديم له العدالة المطلوبة في وظيفته وتجفيف منابع الفساد في الدوائر الحكومية ستعود بالنفع على الإنتاجية والدافعية، أفضل بكثير من أطنان الورق التي تصرف على مدونات السلوك الوظيفية وتطويق عنق الموظف بقرارات ستعيدنا إلى الوراء لسنوات، وربماـ لا سمح الله ـ ستصنع فوضى مجتمعية نتيجة فقدان الموظفين لوظائفهم وانخفاض ملموس في اتزانهم الانفعاليّ نتيجة قانون الخدمة المدنية العتيد .
ويبدو أن نقابة المعلمين قد شعرت أن نية الحكومة ليست كاملة الصفاء، وبخاصة مع قانون الخدمة المدنية المثير للجدل والذي شكّل وفقاﹰ للتربويين ضربة للديمقراطية وتطويق الدائرة حول عنق المعلم، لأنه يمثّل الشريحة الأكبر من الطبقة العاملة، لذلك شعرت بمرارة القرارات وقسوة طابعيها، وأن تكبيل أيادي المعلمين سيعود بآثار سلبية على العملية التعليمية، وسوف ندخل في دوّامة الإضرابات التي هي الأحرى ضريبة يدفعها الطالب الذي هو أساس العملية التعليمية وجوهرها.
الحذر إذن! من قطاع المعلمين، لأنهم كبتوا أوجاعهم وهمومهم لسنوات طويلة، وصبروا وصابروا في أداء مسيرتهم التعليمية بالرغم من التهميش والإقصاء بحقهم، ولعلّ الهجرات القسرية للوظيفة دليلاﹰ قاطعاﹰ على غضب المعلم على الأحوال المعيشية السائدة، والتشريعات التربوية الناظمة، فعلى الحكومة مصارحة المعلم والجلوس معه والإجابة على الأسئلة التي تثير الجدل في خلده، كصندوق ضمان التربية، والتأمين الصحيّ الإلزامي الذي لا يشكّل أي فائدة للمعلم، والعلاوات المادية وفق ما يتيسّر في خزائن الدولة وغيرها من الأمور الثانوية.
فالمعلم هو من يقف في طابور الوطن وينشد نشيط الوطن ويقف لسلامه الوطنيّ ويرفع علم بلادة في ساحات العلم والشرف في وقت واحد،لأداء رسالته التعليمية بكل أمانة