الرجل نصف المجتمع



العنوان ليس نكتة طريفة ، ولم يُكتب لإثارة الدهشة ، ولا لنيل التصفيق من امرأة تنظر إلى الرجل على أنه السبب في حرمانها من كل امتيازاتها ، ولا من أجل كسب غضب رجل ذكوري ينظر إلى المرأة بأنها كائنٌ خُلق لأجله ، ولخدمته ومتعته ، كتبت العنوان لأنني في كل ما أكتب أحاول أن أكون صادقاً مع نفسي ، وأن أكون قريباً مما أعتقد وأفكر ، وأظن أن العنوان جاء مطابقاً لما أفكر فيه ، ليس الآن فقط ، بل في كل مرة يطرح الآخرون حوارية المساواة بين الرجل والمرأة ، وفي كل مرة أسمع امرأة متحمسة تحاول أن تدافع عن حقوق المرأة فتختار باندفاعها عبارة أصبحت من كثرة الاستعمال شعاراً منزوع الدسم " المرأة نصف المجمع " وهي بذلك كأنها تقول للرجال الذين يديرون ظهورهم لها : لا تنسونا فنحن النصف ، وسندافع عن هذا النصف ، وأنتم دوننا لا شيء . بصراحة أنا لم أسمع يوماً رجلاً قال : إن الرجل نصف المجتمع ، وأترك لكم الإجابة عن سؤالي ، لماذا تصر المرأة على عبارتها بينما الرجل لم يفكر يوماً أن يقولها ؟ 
هل المجتمع حقاً نصفان ؟ نصفٌ رجلٌ ، ونصفٌ امرأةٌ ؟ وهل هناك نصفٌ أكبر من نصفٍ ؟ وهل يحتاج النصفُ الأول النصفَ الثاني ؟ أم أن النصف الثاني يُكمل النصف الأول ؟ أسئلة الأنصاف صدقوني موجعة حتى الضحك فأنا لا أرى الأمر بهذه الحدة الكسرية الجبرية . 
المرأة ذكورية التفكير حين تقول لابنها " لا تبكي مثل البنات " وهي ذكورية التفكير بامتياز حين تفضل ولدها على ثلاث بنات أو أكثر في الاهتمام والميراث وفي التعليم ،وفي كل شيء ، المرأة ذكورية التفكير حين تدافع عن زوجها الذي أوصله سوء إدارته وسوء سلوكه إلى أن يبقى في البيت عنصراً غير فاعل وغير مؤثر ، بل مهملاً تماماً ، المرأة ذكورية التفكير حين ترى في أخيها ميزات لا توجد في أي رجل على الإطلاق ،المرأة ذكورية التفكير حين تصمت عن إهانات زوجها لها ولبناتها ، هذه بعض الصور وهي متفشية في مجتمعنا العربي بنسبٍ متفاوتة تؤكد أن المرأة قد صنعت ذكورية منفوخة لزوج لا يستحقها ، بل قدمت للمجتمع ابنها بذكورية خاطئة .وجعلت من أخيها رمزاً ذكورياً مشوهاً 
الرجل أنثوي التفكير حين يرى في المسؤولين أصناماً يعبدها ولا يحاول تكسيرها ، وهو أنثوي التفكير حين يخضع لمديره بطريقة يفقد معها الاغتزاز إنسانيته ، الرجل أنثوي التفكير حين يدافع عن شيخه المبجل وهو يعلم أنه كاذب ، إن الرجل في سلوكه هذا قد أجج ما في نفس المسؤولين والمدراء والشيوخ عفن الذكورية ، وأعطاهم الحق ليمارسوا هذه الذكورية العفنة على خلق الله أجمعين .