كيف يستعد سلاح الجو الاسرائيلي للحرب المقبلة مع حزب الله؟
’يديعوت’ تتوقع سيناريو حرب اسرائيلية مع حزب الله
كتب المحلل العسكري والامني لموقع "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي مقالا عن
استعدادات سلاح الجو الاسرائيلي للحرب المقبلة مع حزب الله والمستوى التي
اصبحت عليه قدراته.
ويقول بن يشاي متوقعاً سيناريو ما سيجري عند وقوع تلك الحرب "في البداية
تمر علينا عدة أيام صعبة، قذائف صاروخية وصواريخ بشكلٍ خاص على غوش دان.
الدفاع الجوي يدافع بشكلٍ خاص عن منشآت استراتيجية وأساسيَّة، في المدن
الكبيرة ستنهار مبانٍ وتقع إصابات. لكنَّ هذا الامر لن يستمرَّ لوقت طويل.
سلاح الجو سيرد مباشرةً، وبعد مرور عدّة أيّام سيقود إلى تقليصٍ أساسي في
وتيرة إطلاق النيران على "إسرائيل". بعد ذلك، يتم وقف إطلاق النار، نيرانٌ
قليلة أيضاً، وفي الوقت ذاته هدنة وهدوء نسبي لعدة سنواتٍ بفضل الردع الذي
أعيد تأهيله".
ويضيف بن يشاي إن "هذا السيناريو خطير لكنه الاكثر معقولية الذي يستعد له
الجيش الإسرائيلي، وهذا هو الهدف الاستراتيجي للمستوى السياسي. ستكون حرب
منحنية المسار، سواء إن كانت النيران ستأتي من سوريا، من لبنان، من غزة أو
من إيران-الهدف سيكون نهايةً سريعةً لتقليص حجم الأضرار والضحايا، وفي
المقابل الحد الأقصى من الضرر في الجانب الآخر، كي يكون لديه دافعٌ للسعي
إلى وقف النار".
قائد سلاح الجو، اللواء أمير إيشل، والقادة "الزرق"، كما ينقل بن يشاي،
يعتقدون أنّ هذا ممكناً، بل أكثر من هذا، مع الإستخبارات، أنواع التسليح،
والطائرات الموجودة في الوقت الحاضر بحوزة سلاح الجو، يعتقدون، أن السلاح
يمكنه الوصول إلى إنجازٍ بحسب ما وُصف تقريباً لوحده، دون أن يضطر الجيش
الإسرائيلي للقيام بعملية مناورة بريةٍ إلى داخل مناطق العدو، ويجب السماح
له بالقيام بهذا".
"إن كان اللواء إيشل وجنوده محقين"، كما يكتب بن يشاي، "فالموضوع يتعلَّق
بالتقليل بشكل جوهري في عدد المصابين وكذلك بتوفيرٍ كبيرٍ في الموارد
باحتساب الكلفة الباهظة ، نحو مليار شيكل، عن كل يوم حرب. ما يقترحه قائد
سلاح الجو هو في الواقع ثورة حقيقية في نظرية القتال لدى الجيش الإسرائيلي،
التي ستؤثّر مأساوياً على تجهيزات وتدريبات في ذراع البر، وعلى جدول
الأولويّات المالية".
ويعلق رون بن يشاي ان "الإدعاء بأنَّ سلاح الجو يستطيع القيام بالعمل وحده
سمعتُه مرةً على لسان دان حالوتس عندما كان ما يزال قائداً لسلاح الجو، قبل
أن يصبح رئيس هيئة أركان عامة، وهذا الإدعاء أثبت عدم صحته في حرب لبنان
الثانية. لذلك هو يثير اليوم شكوكاً كثيرةً".
ويردف بن يشاي "من الواضح عدم موافقة كل مسؤولي الجيش الإسرائيلي مع
"الزرق". ألويةٌ كثيرةٌ في هيئة الأركان العامة، الذين يعرفون قدرات سلاح
الجو ويحترمونها، ما زالوا يعتقدون أنه عليهم العمل براً من أجل إسكات
نيران آلاف القذائف الصاروخية والصواريخ. كذلك زمن العملية القصير موضع شك.
لكن في سلاح الجو يردون بادّعاء مقنعٌ جداً، فلو هوجمنا فجأةً، سيستغرق
جمع كل القِوى البريَّة والسيطرة على مخازن الطوارئ وشرايين المواصلات
وقتاً. في المقابل ستكون فرصة للقيام بهذا العمل عبر نيرانٍ جويَّة. وفي
نفس الوقت، هم يقولون، نحن نستعد لتقديم مساعدةٍ مهمةٍ لقتال القوات
البرية".
من هنا يوضح قائد سلاح الجو اللواء إيشل، وفق ما يكتب بن يشاي، "أننا لا
نقامر، نحن نعرف أننا نُعتبر بنظر الجمهور وكذلك بنظر مسؤولين في الدولة
كبوليصة التأمين لشعب "إسرائيل" والتوقعات منا عالية. ربما عاليةٌ جداً.
لكننا لم نشعر بالارتباك. نحن نذكر أننا لسنا وحدنا ونبني قدراتٍ
للاندماج". في عملية "عامود السحاب"، كما يذكر، منع سلاح الجو من ضرورة
الدخول براً إلى غزة، والردع لا يزال " يعمل" تقريباً حتى اليوم.
لكنَّ المساعدة للبر ليست المهمة الأولى لسلاح الجو، كما يقول رون بن يشاي،
في السنتين الأخيرتين يتحضر سلاح الجو بشكلٍ خاص للهدف الذي صدق عليه رئيس
هيئة الأركان العامة، وزير الدفاع ورئيس الحكومة، لكي يكونوا جاهزين
لتقصير مدة الحرب التي قد تندلع في أي لحظة، الأمر الذي يلقي بمسؤوليَّة
مباشرةً وثقيلة أكثر على إيشل وجنوده.
إبطال مفعول عشرات آلاف القذائف الصاروخية والصواريخ في لبنان وفي غزة
مهمَّة شاقة، يتابع بن يشاي، منصّات الإطلاق الثابتة، التي يطلقون منها
الصواريخ لمدىً أكبر، ذات الرأس الحربي الثقيل والدقيق نسبياً، محصَّنة
ومخبّأة جيّداً في بيوت المدنيين، أو في حفر إطلاق مطمورةٍ (محفورة في
الأرض وتشغل عن بعد)، يتحرَّك مشغلوها بينها، يلقمونها من جديد ويستهدفون
قوات الجيش الإسرائيلي التي تتحرك باتجاههم عبر أنفاق. الصعوبة الأساسيَّة
هي أنَّ تحديدها استخباراتيَّاً واستهدافها قد يؤدِّي إلى قتل أبرياء وإلى
إثارة العالم ضدنا.
اصطياد منصات الإطلاق المتحرّكة صعبٌ جداً ربما، بحسب تعبير بن يشاي،
مطلوبٌ تعقُّبٌ دائمٌ لمناطق الإطلاق، وإن تم كشفها، الامر يتطلب طائرةٌ أو
وسيلة أخرى تطلق سلاحاً دقيقاً باتجاه شاحنة المنصات، وهي ما زالت مكشوفة
في المنطقة أو إذا حاول سائقها الاختباء تحت بناءٍ على أعمدة. في حرب لبنان
الثانية سجَّل سلاح الجو نجاحاً، حيال تشكيل أصغر بستة أضعافٍ مما هو
موجودٌ بحوزة حزب الله اليوم، لكن قبل ذلك أُثبت إلى أي مدى هذه المهام
صعبة، وبشكلٍ خاص لأن الطيارين سيضطرون للعمل في وقت إطلاق النار على قواعد
والتحصُّن من صواريخ ضد طائرات من صناعة روسيَّة التي من المحتمل أنها
وصلت إلى حزب الله، أو صواريخ كتف التي وصلت إلى الغزاتيين.
وللتغلُّب على الصعوبات والارتقاء درجةً بحسب مجالات المهمّة، سلاح الجو
يخضع في السنتين الأخيرتين لإجراءات تغيير. العمليّة الأهم هي الجهد لزيادة
"منتجات الهجوم" لتشكيل الحرب بمئات النِسب، كعدد الطلعات، لكن بشكلٍ خاص
عدد الأهداف المُهاجَمة والضَّرر الذي سيتسبب به، على ما جاء في المقال.
يشير رون بن يشاي الى ان اللواء إيشل وجَّه السلاح أيضاً في آب 2012، بعد
أن تولَّى المنصب بثلاثة أشهرٍ، للامتثال لتنفيذ عدّة آلاف الطلعات
الهجوميَّة في اليوم. الهدف، تعزيز ما يُسمِّيه بمصطلحٍ غير جار "فتاكة
سلاح الجو". في حرب لبنان الثانية وصل العدد إلى مئة، وأقل من هذا عدد
الأهداف التي هوجِمت من داخل الـ"بنك". اليوم بنك الأهداف الذي يمكن تدميره
اصبح اوسع بشكلٍ كبير واستكمال أهداف تحسين منتجات الهجوم متوقعٌ قريباً
جداً.
ورغم ذلك، هذا أيضاً ليس كافياً. لتقليص عمليات الإطلاق في زمنٍ قصيرٍ يجب
مهاجمة الكثير من الأهداف دفعةً واحدةً. لذلك، طورت الصناعات الأمنية
ذخيرةً موجَّهةً دقيقةً يستطيع الطيّار إطلاقها بالجملة إلى اتجاهاتٍ
مختلفة، كالبرَد الهاطل على منطقةٍ فسيحةٍ، دون التنازل عن دقة الإصابة،
عدد وتنوُّع الأهداف.
على سبيل المثال أف 16، وحيدة يمكن أن تفجّر في المقابل أكثر من عشرة أهداف
في مواقع مختلفة. قدرات الـ أف 15 "باز" ( من النماذج القديمة) أكبر بكثير
أيضاً في الكمية وكذلك وزن القنبلة القادرة على تدمير تحصيناتٍ تحت الأرض.
هذه الطائرة، حسب قول قائد قاعدة تل نوف، العميد تومر بار، قادرةٌ على
الوصول بعيداً، بعيداً جداً، مع حمولة كبيرةٍ ودون تزودٍ بالوقود جوّاً. كي
لا نتكلّم عن الـ"راعم( (F-15i "التي نسّقت بشكلٍ خاص لمهام هجوميَّةٍ
وتفوّق جوي بعيدة المدى. الدلالة الاستراتيجيَّة واضحةٌ حتى لو لم يذكر
الدولة الهدف.
من أجل ديمومة العمل ضمن المعايير وبالنتاجات الجديدة التي وضعها إيشل من
سلاح الجو، حُلت ونظّمت من جديد أيضاً التشكيلات التقنيَّة واللوجستية.
قائد قاعدة حتسور، العقيد دان تورتن، يقول إن الطاقم التقني "ينقض" اليوم
على الـ أف 16 العائدة من طلعات حربيَّة ويؤهلها لطلعةٍ أخرى في غضون زمنٍ
قصير، على شاكلة الطاقم الذي يعيد للتأهيل سيارة فورمولا 1 خلال السباق.
بالأساليب القديمة كان يستغرق هذا الامر عدة ساعات.