ابناء القذافي سيدافعون عن والدهم حتى النهاية حماية له ولانفسهم.. والثورة تتماسك وتظهر ملامح تنظيم
أخبار البلد - هل اقتربت النهاية، مع زحف القوات المعارضة للزعيم القذافي؟ وهل ستقوم الدول الغربية خاصة امريكا بتحرك عاجل لانقاذ الوضع عبر فرض عقوبات ومجال حظر جوي، وتجميد ارصدة تعود لعائلة الزعيم الليبي؟ من الواضح انه حسب التحليلات والوقائع ان النظام القائم الآن في ليبيا في لحظاته الاخيرة ولم يبق حول الزعيم الا عائلته - ابناؤه وبعض مساعديه فيما انشقت وحدات من الجيش واستقال دبلوماسيون.
وترى صحيفة 'نيويورك تايمز' في افتتاحيتها ان الوقت قد حان لوقف القذافي عند حده وقالت انه بدون العثور على طريقه لوقفه فلن يتورع القذافي عن الاستمرار في ذبح شعبه في محاولاته اليائسة التمسك بالحكم.
وقالت ان الليبيين اظهروا شجاعة نادرة فيما انشق عدد من الضباط الكبار على ما يبدو على النظام. ولا يعرف ان كانوا قادرين على الاطاحة بالنظام ام لا. ودعت في هذا السياق الى دعم الضباط ممن انقلبوا على النظام حيث قالت انهم بحاجة لدعم اكثر من ذلك التي يتلقونه الآن من الولايات المتحدة والدول الغربية. واضافت ان الرئيس الامريكي باراك اوباما تأخر اربعة ايام حتى يقوم بشجب العنف.
وتفهمت الصحيفة قلق الرئيس على المئات من الامريكيين العالقين الان في ليبيا وينتظرون اجلاءهم عن العاصمة، خاصة ان الحكومة الليبية رفضت السماح بوصول طائرات الاجلاء فيما منعت العواصف البحرية السفن الحربية الامريكية من الرسو على الموانئ الليبية.
ومثل بقية الدول الغربية فان المسؤولين الامريكيين اكدوا انهم يحاولون العثور على طرق من اجل اجلاء الامريكيين.
وفي ضوء الاتصالات الامريكية مع الحلفاء في اوروبا فان الوقت الباقي للقذافي بات قليلا. ويجب ايصال رسالة له ولعصابته ان الثمن سيكون باهظا في حالة عدم وقفهم اذا استمرت عمليات القتل. ولا ترى في الحديث عن فرض عقوبة امرا عمليا في الوقت الحالي لانه تمرير قرار سيأخذ وقتا. وهناك خيار وهو منع قادة النظام الكبار من السفر الى الخارج. وعلى اوروبا التي تبيع الاسلحة الى ليبيا ان توقف عمليات بيع الاسلحة. وعلى ليبيا التي خرجت من العزلة قبل سنوات أن تواجه عزلة جديدة. ودعت لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة لشطب ليبيا من عضويتها.
ودعت كلّ ٌ من بريطانيا وايطاليا الحليفتان للنظام في السابق الى عدم التردد في اتخاذ المواقف مشيرة الى الاجراءات التي اعلنت عنها فرنسا والمانيا، خاصة ان الدول الاوروبية هي المصدر الرئيسي للسلاح لليبيا وهي المستورد الاساسي للنفط الليبي.
ودعت الصحيفة الى ايجاد ملاجئ آمنة على غرار ما تم في العراق حالة استمرار القتل. وختمت قائلة انه في حالة تأخر المجتمع وتردده عن اتخاذ قرارات حاسمة فان هذا يعني مزيدا من القتل.
تجميد اموال النظام
وضمن الجهود التي تحاول احتواء وممارسة الضغط على الزعيم الليبي قالت صحيفة 'ديلي تلغراف' ان الحكومة البريطانية تحاول الكشف عن اموال تقدر بالمليارات قام النظام الليبي واعوانه بإيداعها في لندن. وقالت ان الخزانة البريطانية من المتوقع أن تكون قد انشأت وحدة خاصة من اجل ملاحقتها وتجميدها. وتضم المصالح التي تعود لعائلة القذافي قصرا اشتراه ابن الزعيم الليبي، سيف الاسلام، في شمال لندن بقيمة 10 ملايين جنيه استرليني. ويعتقد ان النظام الليبي لديه 20 مليار جنيه على شكل ارصدة مجمدة، عقارات واسهم في شركات بريطانية وكلها في لندن.
ويتوقع ان تقوم الحكومة البريطانية باتخاذ قرارات من اجل تجميدها اسوة بالجهود الدولية التي بدأت تلاحق اموال القذافي وابنائه ونقلت عن مصدر بريطاني قوله ان المهمة الاولى امام الحكومة هي اجلاء الرعايا البريطانيين عن ليبيا ثم بعدها ستكون الحكومة في موقع قوي للتحرك ضد ارصدة النظام. واكد ان عملية ملاحقة المال الليبي هي اولوية وتبحث على اعلى المستويات.
وتثور حالة من الفوضى لدى الحكومة البريطانية بعد تأخر جهود نقل البريطانيين وتوفير وسائل النقل لهم وتصريحات نائب رئيس الوزراء نيك كليغ انه 'نسي' انه ينوب عن ديفيد كاميرون في ادارة البلاد اثناء غياب الاخير. وقطع كليغ عطلة عائلية له في منتجع دافوس في سويسرا لحضور اجتماع امني عقد الجمعة.
وكان كاميرون قد وصل البلاد عائدا من رحلة له في دول المنطقة، ونقل عنه انه اخبر وزير دفاعه ليام فوكس ووزير خارجيته ويليام هيغ انه غير راض عن الطريقة التي تعاملا فيها مع ازمة ليبيا وجهود نقل البريطانيين من هناك. وتقوم القوات الخاصة البريطانية في المساعدة باجلاء عمال النفط في المنشآت النفطية الليبية.
وبالنسبة للارصدة الليبية في بريطانيا قالت 'ديلي تلغراف' ان وثيقة من وثائق ويكيليكس اظهرت ان النظام قام بإيداع اموال كثيرة في بنوك اجنبية خاصة لندن. فقد قال مسؤول في صندوق الاستثمار الليبي للسفير الامريكي في لندن العام الماضي ان ليبيا لديها 32 مليار دولار في لندن.
سقوط التحالف مع الشيطان
وانتقدت صحيفة 'اندبندنت' في افتتاحيتها ما اسمته العقد الفاوستي مع الشيطان الذي قامت به حكومة توني بلير مع الرئيس الليبي وقدم الاخير للمجتمع الدولي. وربطت التقارب البريطاني مع النظام الليبي بالعطش الاوروبي للنفط حيث قالت ان ارتفاع اسعار النفط مرتبط بالفوضى والعنف الذي تشهده ليبيا. وعلى خلاف مصر وتونس فان تجار النفط لم يقلقوا مثل قلقهم الحالي لان عمليات ضخ النفط الليبي توقفت بسبب المواجهة بين القذافي والمعارضة.
ولم تؤد الحزمة التي اعلن عنها ملك السعودية عبدالله لمساعدة شعبه لتخفيف قلق سوق النفط، مع ان وزير النفط السعودي قال ان بلاده قد تقوم بزيادة انتاجها من اجل تغطية نقص النفط بسبب الاحداث في ليبيا.
وتقول الصحيفة ان الوضع مع ذلك لم يعد تحت السيطرة في السعودية فقبل شهر كان حسني مبارك والعقيد القذافي يبدوان قويين ومحصنين من الثورات والان فقد اجبر الاول على الرحيل اما الثاني فالشمس تغرب عنه.
ومن يتحدث عن سيناريو مشابه لما حدث للاثنين في السعودية يملك العديد من الاسباب. فمع ان الملك عبدالله لديه الكثير من المصادر من اجل شراء واحتواء الحنق في بلاده لكن لا احد يعرف فاعلية واثر المساعدات التي اعلن عنها العاهل السعودي.
وقالت ان من يشم رائحة الحرية فانه يذهب لابعد الحدود من اجل الحصول عليها. وعن اثر الاوضاع على سوق النفط تقول ان السوق يجني الآن ثمار القرارات السياسية الخاطئة فيما بعد الحرب العالمية الثانية حيث دخل الغرب في تحالف فاوستي في الشرق الاوسط: نشتري نفطهم ونغض الطرف في المقابل عن القمع الذي يمارسونه ضد ابناء شعبهم، وبالاضافة لذلك سيشتري الحكام الاسلحة المصنعة في الغرب والبضائع الفارهة. وتشير الى ان الصين عقدت نفس الصفقة مع انظمة قمعية لكن الثورات في العالم العربي تقوم باجهاض هذا النوه من الصفقات. وتعتقد ان الادمان على شراء النفط مع اثره على البيئة والثورات العربية الان قد تفتح اعينهم نحو تبني سياسات اكثر نجاعة من ناحية البحث عن مصادر جديدة للطاقة.
على بريطانيا دعم الشعب
وفي اتجاه اخر علقت صحيفة 'التايمز' على اهمية ان تحدد الحكومة البريطانية سياستها من ليبيا وان تتبنى سياسة تدعو لرحيل او الاطاحة بالقذافي. وانتقدت قرار نائب رئيس الحكومة لمغادرة بريطانيا لقضاء عطلة عائلية وتساءلت ان كان كليغ يأخذ دوره بجدية.
وانتقدت رحلة كاميرون للمنطقة في الظرف الحالي من اجل البحث عن عقود تجارية وعسكرية، قائلة ان الوضع في المنطقة تغير، فقد ثبت ان الحكام الشموليين غير دائمين ولا يمكن الثقة بهم. وقالت ان التغيير في المنطقة يحتاج الى قيادة ذات هدف واضح وسياسة جديدة. وترى ان الوقت لم يفت بعد على الحكومة التي شجعت القذافي واخرجته من عزلته فعليها اليوم ان تقوم بحماية المدنيين الليبيين من مجازره.
وقللت من اهمية الخيارات المطروحة حول مناطق الحظر والعقوبات وبدلا من ذلك دعت الى تهديد واضح للنظام الليبي وفي حالة عدم رضوخه فعلى بريطانيا ان تقوم بتقوية الشعب الليبي ودعمه ـ عسكريا - للاطاحة بزعيمه.
وتتساوق الجهود والدعوات الخارجية مع ما يحدث على الارض حيث تقول التقارير من المناطق التي سقطت بيد الثوار ان حركتهم بدأت تظهر تماسكا وقوة فيما بدأت حكومات وهيئات بديلة تظهر لادارة شؤون المناطق.
وتقوم هذه الحكومات على تعاون من المحامين وقادة العشائر والعائلات المعروفة حيث بدأت تظهر تحررا من قبضة 41 عاما من حكم القذافي وتنظر للمستقبل القادم. ويعتقد ان معظم وحدات الجيش الليبي انشقت ولم يبق الا الميليشيات التابعة للقذافي وابنائه للدفاع عن طرابلس حيث يهدد الثوار بعزل العاصمة عن بقية ليبيا مع اقتراب قواتهم منها.
ومن هنا يرى المراقبون ان محاولات القذافي اليائسة التمسك بالسلطة لن تتم بدون دعم مجموعة من المساعدين له مع ان انباء تحدثت عن انشقاق ابنه عز العرب ورحيله لمدينة بنغازي، وحديث اخر عن تصدعات في داخل العائلة ورحيل قذاف الدم الى مصر.
من سيحمي القذافي؟
وترى 'واشنطن بوست' ان القذافي يعول في عناده على ولاء حلقة مقربة منه تضم اقارب ورجال امن منهم عبدالله السنوسي المتزوج من اخت زوجة القذافي، إضافة لأفراد آخرين يرتبط مصيرهم بمصير الزعيم. ويرى مسؤولون امريكيون ان اربعة من اولاد القذافي هم من ضمن اهم افراد الحلقة.
ومع ان معظم مسؤولي البعثات الدبلوماسية في الخارج تخلوا عنه الا ان المحللين لا يعتقدون ان هذا الوضع سيؤثر على الموالين له والمقربين منه. ويقول باحث امريكي ان المتخندقين الى جانب الزعيم في القاعدة العسكرية كل واحد لديه اسبابه للدفاع عنه.
وقال انه لم يعد لدى الابناء اي خيار الا الدفاع عنه لان الثورة ضده باتت متأخرة ولانهم لن يجدوا اي مكان يذهبون اليه.
ومع ان ابناء القذافي ولسنوات كانوا يتنافسون على السلطة والتقرب من والدهم الذي شجع التنافس الا ان اللحظة الحالية ادت بهم للتخلي عن منافساتهم والتوحد معا، كوسيلة لحماية والدهم وكذلك حماية انفسهم.
وظهر سيف الاسلام مرتين على التلفاز من اجل حشد الدعم لوالده وكذا ابنه الساعدي وابنته عائشة التي نفت انها هربت الى بيروت، فيما كرس المعتصم، مستشار والده للامن القومي وخميس الذي تدرب في روسيا، جهودهما لحماية والدهما.
السنوسي وكوسا
واضافة الى الابناء هناك عبدالله السنوسي، مدير المخابرات العسكرية السابق ووزير الخارجية موسى كوسا الذي كان مديرا للمخابرات. وكان السنوسي بعد الحكم عليه غيابيا في فرنسا بتهمة التخطيط لتفجير الطائرة الفرنسية فوق النيجر عام 1989 قد اختفى عن الاضواء ومع ذلك يظل شخصا مهما حيث ارسل بعد سقوط بنغازي مع خميس للتخطيط من اجل استعادة السيطرة عليها.
ويصف دبلوماسي امريكي التقى السنوسي اكثر من مرة بانه أكثر الشخصيات إصابة بالخوف والرهاب، ومع ذلك فهو الرجل الاكثر تأثيرا في كل ملف من الملفات. وكان كوسا والسنوسي قد اتهما عام 2003 بمحاولة تنفيذ امر باغتيال ولي العهد في حينه، الملك الحالي، عبدالله بن عبدالعزيز. ولعب كوسا الذي يحمل ماجستير من جامعة ميتشغان دورا مهما في اعادة العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، وعين وزيرا للخارجية عام 2009 ولكنه لا يزال يؤثر على الملفات الامنية.
ووصف تقرير سرب عبر ويكيليكس كوسا بانه رجل يجمع الكثير من المواهب 'الثقافة العالية والذكاء والقدرات على ادارة العمليات اضافة لوزنه السياسي'. وقبل الثورة كان سيف الاسلام المتعلم في بريطانيا والانفتاحي بدون ثقل سياسي ودعم مرشح لخلافة والده امام المرشح الاقوى المدعوم من الجيش المعتصم ولدى الاخير صلات مع الحرس القديم من قادة الجيش وله دور مهم في عملية قمع الثوار. وذكرت 'واشنطن بوست' ان كلا من الاخوين قد قاما بلقاءات مع مسؤولين في السفارة الامريكية.
ويقول باحث ان المعتصم رجل خطير ويقوم بادارة حملات مواجهة الثوار. ويعتقد محللون ان التحولات التي بدت في مواقف سيف الاسلام المقرب من الغرب مدفوعة بالخوف من الاعتقال والمحاكمة حالة نجاح الثورة.