مجلس النواب "التصويب" أو الرحيل


انجازات نيابية في نهاية دورته العادية فاقت المستويات القياسية في العمل والعطاء، وأطنان من الأوراق والأقلام استخدمت في المعارك التشريعية داخل القبة البرلمانية، وربما زاحمنا البرلمانات الغربية بالأسئلة والاستجوابات بحق الرئيس والوزراء، ولا اعلم إذا كان الإعلاميّ جورج قرداحي مازال يبحث عن مخزون معلوماتي من الأسئلة المثيرة والصعبة التي يمكن من خلالها أن يقحم بها متسابقيه إذا استعان بأسئلة نوابنا الأعزاء وسفراتهم المتعددة وغياباتهم المتكررة، ولو كان شوقي مازال على قيدّ الحياة لربما تغنّى بالحياة التشريعية الأردنية وقدّم كماﹰ هائلاﹰ من المدح والثناء لأصحاب السعادة الذين أشهروا كافة أسلحتهم التشريعية والرقابية مقابل أن ينعم المواطن بحياة هانئة وعيش كريم لا يزاحمه فيها فاسد متطفّل على قوته ولا حاقداﹰ يتعايش على ضعف مؤسسات الوطن، وطيبة مواطنيه.

وكالعادة خرج علينا سعادة رئيس المجلس بمؤتمر صحفيّ بروتوكوليّ معتاد يجمع من خلاله حصاد المجلس البرلماني في دورته العادية، ويسرد علينا أهم القوانين والتشريعات التي صادق على توقيعها مجلسنا النيابيّ العتيد، وعن أهم المحطات الحافلة بالانجازات وعن ممارسة ديمقراطية قلّ نظيرها في البلاد، حتى بات رئيس وزرائنا ورفاقة يحبسون الأنفاس عند دخولهم عتبات مجلسنا الموّقر خوفاﹰ من وابل الأسئلة والاستجوابات، قد تغيّر مسار موكبه إلى مسقط الرأس ليخلد للراحة ويسلّم الراية لفارس آخر يكمل مسيرة العطاء والنماء الموعود.

قد يكون الحديث عن انجازات أصحاب السعادة وبطولاتهم أمام شعب صنّف على انه من أكثر الشعوب وعياﹰ وثقافة أمراﹰ صعباﹰ؛ لان جماليات اللغة والكلام المعسول ولباقة الألفاظ ولغة الإقناع، لم تعدّ تجديّ نفعاﹰ حتى الصراخ والمزاح والتمثيل بات هو الآخر لعبة مكشوفة، حتى أن جلسات الثقة والموازنة باتت هي الأخرى مادة إعلامية للتهكم والسخرية؛ لأنهم يعلمون مسبقاﹰ النتيجة النرجسية الناعمة التي تتكيف مع الحكومة وصنّاع القرار، وكيف لا ونحن نشاهد الرئيس يجتاز ثلاث اختبارات للثقة بوقت قياسيّ سريع حتى بات حال لسان المواطن يقول وهل من مزيد؟.

تمنيت لو كان المؤتمر الصحفيّ يتناول جانب الإخفاقات و الاحباطات في الدورة العادية البرلمانية، وأن يعتذر أصحاب السعادة عن الأخطاء التي ارتكبوها في دورتهم العادية كتمرير رفع السلع الرئيسة والثانوية، والمصادقة الشفوية على الكثير من الضرائب التي طالت القطاعات الإنتاجية ، والتي دفع ثمنها المواطن غالياﹰ، فضلاﹰ عن رفض دولة الرئيس الاستجابة لرغبة المجلس بطرد السفير، أو التحقيق مع مؤسسات أثير حولها شبهات فساد كما ادّعى مجموعة من النواب.

اعتقد جازماﹰ أن مجلسنا النيابي مازال تائها بالرغم من التغيرات التي حدثت في نظامه الداخلي، لأن الأساس هو وقف مخططات الحكومة وبرامجها الاقتصادية التي استنزفت مدّخرات الشعب، فعلى المجلس تصويب أوضاعه مع قواعده الشعبية ليصل لمرحلة الإقناع أو الرحيل بلا رجعة.