كم مليوناً تساوي رخصة الكهرباء الأردنية ؟
اخبار البلد
يبدو أن قرار الحكومة و المتعلق بتجديد
رخصة شركة الكهرباء الاردنية لمدة 20 عاماً مقابل 65 مليون دينار تدفعها
الشركة بالتقسيط الممل جداً قد أثار سخطاً كبيراً لدى كثير من الجهات
المعنية بالشأن العام ومنهم اقتصاديون و اعضاء في مجلس النواب مما دفع
الحكومة لايقاف قرارها ومراجعته تحسباً لأية تطورات سلبية في هذا الملف،
خاصة و خصخصة قطاع الكهرباء قد شابَهُ الكثير من الأسئلة.
ويبقى السؤال قائماً، هل المبلغ المذكور أعلاه هو مبلغ عادل لثمن الرخصة، أم أن المبلغ يجب أن يكون عدة أضعاف كما قال بذلك بعض الاقتصاديين.
لا أعلم ما هي الأسس التي تم اتخاذ القرار المشار إليه بناءً عليها لكن لنا أن نتخيل أن هيئة القطاع ستمنح الشركة رخصة لمدة 20 عاماً وهي رخصة حصرية احتكارية لمناطق و مشتركين يستهلكون أكثر من ثلثي كميات الكهرباء المولدة (مناطق وسط المملكة). فلا يوجد منافس للشركة في هذه المناطق إضافة أن الكهرباء ليست سلعة كمالية فلا يستطيع أحد الاستغناء عنها تحت أي ظرف من الظروف، وبالتالي فإن أَعداد المشتركين و كميات الاستهلاك مضمونة بل إن كميات الاستهلاك تزداد سنوياً بما لا يقل عن 5%. فليس هنالك أية مغامرة للشركة في هذا السوق وبالتالي فإن كفاءة الشركة التسويقية و الادارية ليست العامل الأهم في تحقيق أرباح بيع الكهرباء في ظل السوق الاحتكاري.
وإذا ما أردنا القياس على ما يتم في قطاع الاتصالات فإن منح رخصة لشركة اتصالات متنقلة يعني العمل في جو تنافسي بحت يتطلب سياسات تسويقية واعلانية و زيادة في كفاءة عمل الـمُشغِّـل ليقلل من مصاريفه و يزيد من مصادر ايراداته حتى يستطيع الاستمرار في السوق، وعليه فإن شركات توزيع الكهرباء و منها الكهرباء الأردنية ليست في وضع تنافسي تخشى معه انصراف المشتركين عنها إلى مشغلين آخرين أو انخفاض اعداد المشتركين إلى آخر ما هنالك من عوامل تجعل هذه الشركات قلقة على مستقبلها. ناهيك عن التأمينات التي دفعها و يدفعها المشتركون عند الاشتراك و التي تصل إلى عشرات الملايين و هذه سيولة غير مكلفة لمزود الخدمة فهو ليس بحاجة لقروض بنكية، وهي سيولة تكبر يوماً بيوم، وتبقى هذه السيولة بعهدة شركات الكهرباء، تفعل بها ما تشاء.
و عوداً على موضوع الترخيص، فهل أخذت الحكومة بعين الاعتبار امكانية طرح عطاء/مزايدة للحصول على الرخصة، فمثل هذا العطاء يمكن ان تتقدم له شركة الكهرباء الاردنية كأي مستثمر آخر وفُرَصُها بالفوز كبيرة. ذلك أن هذا العطاء يقطع الطريق على أسئلة كثيرة تُـشكك بقيمة الرخصة العادلة و هو أسلوبٌ أفضل من أي مبلغ يمكن أن تحصِّله الحكومة بالاتفاق مع الشركة حصراً دون أي عملية تنافسية صَغُـر ذلك المبلغ أم كـبُر. كما أنه يُرتب على الشركة الفائزة في العطاء زيادة كفاءتها التشغيلية.
يجب أن لا ننسى بأن شركات الكهرباء الأردنية تقدم خدمات للسوق الأردني غير بيع الكهرباء – وهو ما تسمح به رخص الشركات- و تشمل تلك الخدمات تقديم استشارات ودراسات وبناء و صيانة الشبكات الكهربائية للمنشآت الكبيرة و تحصيل رسم التلفاز وغيرها من خدمات دون أن يؤثر ذلك على هدف الشركة الأساسي، إضافة إلى أن البنية التحتية لهذه الشركات تساعدها بالتشارك مع شركات الاتصالات لادخال خدمات الانترنت من خلال مد الألياف الضوئية مع الشبكة الكهربائية لتصل لكل حي ومنزل ومؤسسة و شركة. والعائد من هذه الخدمات للمشغل الكفؤ أكبر بكثير من عائد بيع الكهرباء مما يسمح بتخفيض هامش الربح على بيع الكهرباء.
هل يجب أن تُـؤخذ ايرادات تلك الخدمات ضمن ثمن تلك الرخصة؟ القول بغير ذلك هو منح رخصة لمشغل غير كفؤ.
الرئيس الأسبق لهيئتي تنظيم قطاع الكهرباء والاتصالات