لماذا استقال الامير

اخبار البلد

لماذا استقال الأمير؟ 
حدث الأمر بطريقة مباغتة وخاطفة؛ تصريح مقتضب للمتحدثة باسم وزارة الخارجية، أعلنت فيه استقالة الأمير زيد بن رعد من منصبه كمندوب دائم للأردن لدى الأمم المتحدة. بعد يومين، رمى الأمير بتعليق عابر في ممرات المبنى الأممي، أكد فيه صحة الخبر. لم نفهم من التصريحين إن كان الأمير قد استقال بمحض إرادته، أم طلب منه ذلك.

لكن الأيام التالية كانت كفيلة بتوضيح جانب كبير من الحقيقة.

الأمير زيد دبلوماسي مخضرم؛ عمل لسنوات طويلة في البعثة الأردنية بنيويورك، ومن قبل في جنيف. وتولى منصب السفير الأردني في واشنطن لفترة قصيرة، قبل أن يعود من جديد إلى الأمم المتحدة. ودخل ذات مرة المنافسة على منصب الأمين العام للأمم المتحدة، في خطوة اعتبرت في حينه مغامرة غير محسوبة.

بعد نيل الأردن العضوية الدورية في مجلس الأمن مطلع العام الحالي، ولمدة سنتين، لم يكن لأحد أن يفكر في أن يغادر الأمير موقعه في مثل هذه الظروف. لكن المعطيات المتوفرة تشير إلى أنه قدم استقالته أو هدد بها أكثر من مرة. وفي المرة الأخيرة قبلت من دون نقاش.

بعد تقديم استقالته، راجت معلومات بأنها ترتبط بظروف الأمير الصحية. وقد تبين عدم صحة مثل هذا الادعاء. والحقيقة أن خلافات مزمنة ومتراكمة مع وزارة الخارجية هي التي دفعت بالأمير إلى الاستقالة، إن لم يكن قد طُلب منه ذلك بطريقة غير مباشرة.

مسؤولون على مختلف مراتب صناعة القرار لم يعودوا يرغبون في بقاء الأمير في موقعه. وقد سجل مراقبون عن كثب فتورا ظاهرا في العلاقة بين وزير الخارجية ناصر جودة وبين الأمير.

ويأخذ بعض المسؤولين على الأمير عدم التزامه بالمواقف الرسمية للدولة الأردنية في مداخلاته في مجلس الأمن؛ كالملف السوري مثلا، الذي يتسم موقف الأمير منه بالتشدد المبالغ فيه ضد النظام السوري. وفي شأن الأزمة الأوكرانية، أدلى الأمير زيد بتعليقات منحازة، تجاوزت الموقف الرسمي، وتزامنت مع زيارة كانت مقررة للملك عبدالله الثاني إلى موسكو الشهر الماضي.
الوفد الصحفي الأردني الذي حضر جلسة مناقشة عامة لمجلس الأمن حول الشرق الأوسط، ترأسها وزير الخارجية الأردني بداية العام الحالي، لاحظ عن قرب عدم وجود تناغم بين جودة والأمير. فبحجة متابعة التطورات المتعلقة بانعقاد مؤتمر "جنيف2" الخاص بالأزمة السورية، غاب الأمير زيد عن الجانب الأكبر من جلسة مجلس الأمن، ولم يجلس ولو لمرة واحدة خلف وزير الخارجية.
وخلال متابعتي وعدد من الزملاء في نيويورك لرئاسة الأردن لدورة مجلس الأمن الشهرية، شعرنا أن لدى وزارة الخارجية تقييمها الخاص لأداء رئيس البعثة الأردنية، لا يتطابق بالضرورة مع الانطباع العام السائد في الأوساط السياسية والإعلامية في الأردن.
المرجح أن المهتمين بالموضوع لن يتوقفوا كثيرا عند استقالة الأمير زيد؛ فما يثير الاهتمام أكثر هو السؤال عن هوية الدبلوماسي الذي سيخلف الأمير.
لا يمكن للحكومة أن تترك الموقع شاغرا لفترة طويلة؛ بسبب أهميته أولا، وعضوية الأردن في مجلس الأمن ثانيا. ولذلك، يتعين عليها اختيار خليفة للأمير قبل نهاية الشهر المقبل.
هناك عدد محدود من الشخصيات المؤهلة لمثل هذا الموقع؛ أبرزهم السفير الأردني في القاهرة، والخبير في القانون الدولي، بشر الخصاونة. لكن هناك من المسؤولين من يفكر بخيارات جريئة، يأمل أن يضرب من خلالها عصفورين بحجر واحد.
Facebook