الطريق الى الاقصى

الطـــريق الى الاقصـــى
بسام الياسين
( للعلماء الاجلاء الذين شاركوا في مؤتمر"الطريق الى القدس" )


كانَ الفجرُ الغافي في حُضنِ القريةِ
يتوسدُ صدرَ الارضِ البكرْ
يرضعُ من شفتيها الطيبتينِ......
رحيقَ الحبِ و نسغَ الشعرْ
و يخبىءُ تحتَ جناحيهِ المشتعلتينِ حناناً
آياتَ اللهِ وهمسَ العطرْ
والنهرُ الحالمُ بالاسرارْ
يكتبُ شعراً من حبرِ الدمْ
يرسمُ بالقصبِ النهري ملاحمَ لا تُمحى
لبطولات سطرها جُندُ اللهِ بكسرِ العظمْ
هو نهرُ ظل اميناً من راسِ النبعِ الى البحرْ
يتهادى مبهوراً بالقمر الفضي
ما بينَ الضفةِ والضفةْ
لم يدرِ النهرُ المتسربلُ بالحبِ و بالحكمةْ
ان الموتَ يجيءُ بياتاً كالريح الصفراءْ

جاءَ الغربانُ قُبيل الصبحْ...
داسوا خاصرةَ القريةِ ـ في عزِ ـ النومْ
كسروا ساقيها الناعمتينْ
لم تصرخْ او تلفظْ آه
فالقريةُ كالانسانْ
تحفظُ ماءَ الوجهِ وتأبى ان تذرفَ دمعةْ
خوفاً ان يشمتَ فيها الاعداءْ

صرخَ البرعمُ موجوعاً تحتَ بساطيرِ العسكرْ
من اجلِ عيونكَ يا وطني
موتي احلى من طعمِ السُّكَرْ
ارخصُ من قبضةِ طينْ
فبكى ليمونُ فلسطينْ
وتململَ جعفرُ في مُؤتةْ
و امينُ الامةِ كَبَّر الاغوارْ
وتوردَ بالحُمرةِ تفاح الجولانْ
وبكتْ في الكوفةِ اياتُ الله
والنخلةُ فاضت في مكةَ بالدمع على ترتيلِ القرانْ
فَرَدَتْ كفيها القُرشيينِ وصاحت بالعربانْ
ـ للكعبةِ ربُ يحميها ـ
فاحمِ بحجارة طيرِ ابابيلك يا الله
وطناً عربياً منزوعَ الهيبةِ والعنوانْ

ياربَ:احمِ قبلتك الاولى...معراجَ محمدْ
فبراقُ نبيُكَ يصعدُ نحوكَ مغموراً بالنورْ
والعربُ يشدوّنَ ظهورَ الخيلِ المكلومةِ للمؤتمراتْ
و يدقونَ طبولَ الحربِ المثقوبةِ بالاستعراضاتْ
لكن مدافعهم سكتتْ كسكوتِ الامواتْ

يا مريم هزي جذعَ النخلةْ
معجزةُ انتِ كما قال الديانْ
عيسى يتكلمُ في المهدِ صبيا
يُشفي الأكمةَ و الأبرصَ والعَميانْ
يرفعُ رايات الاحلام المغدورةِ للمسحوقين
هزي ثانيةً يتساقطُ اطفالُ وحجارةْ
تتراكض خيلُ لا تلوي الأعناقْ
تحمل فرساناً بسيوفٍ لا تصدأ
لا يعرف واحدهم معنى الهربِ ولا معنى الخذلانْ

جاؤوا يا مريم ....
جاء صلاحُ الدينِ وخالدُ جاءَ على مُهرتهِ الشهباءْ
وعليٌ جاءَ يلوحُ بالسيفِ ويفتل شاربه المكي
يقرأُ اياتِ الفتحِ و يهزُ حصونَ العدوانْ
يَكْنسُ خيبَر من كل الارزالْ
و ابو محجن جاءَ على ظهرِ البلقاءْ
والقعقاعُ تمايلَ مزهواً كالرمحْ
و ابو ذرٍ جاءَ وجاءَ الفقراءْ
يأتون حفاةً سيدتي وجياعْ
فالاقصى همزةُ وصلٍ بين اللهِ و بين الانسانْ
يا للعار ...و يا للمأساة
ماتَ الابطالُ و ظلَ الاشباهْ

يا وطني يا زهرَ النارِ.. يا شجرَ الملحِ الصابرِ...
يا شوكَ الصبارْ
باقونَ هنا كالجذر المتجذرِ في الصوانْ
لن نبرحَ قبلتنا الاولى
رغمَ النزفِ الطالعِ من قاعِ الشريانْ
وكسورٍ مزمنةٍ في الوجدانْ
فالعاشقُ لا يرحلْ
إما ان يَقْتُلَ او يُقْتلْ

وانتصر الاطفالُ على الخوفِ الموهومِ
في بيتِ المقدسِ و الاكنافْ
في اردنِ الحشدِ ...رباطِ الاسلامْ
صبغوا هامات الشهداءِ بحناءِ الجنةْ
لفوهم بالدمعِ و اسماء الله الحسنى
ضحكوا و بكوا من "أُمتنا ما عادت أمةْ"
عنترةُ العبسي سجينُ بابي زعبلْ
و ابو زيدُ محكومُ بالاعدامِ بسجنِ المَزةْ
فرسانُ بـ "ابي غريب" تتكدس كالنسوانْ
ودمُ عربيُ للركبةِ يُسفحُ في كلِ مكانْ
الهيكلُ تعلو فيه ترانيم التوراةْ
و اناشيدُ الانشادِ و صلاةُ سليمانْ
تصدحُ في باحات الاقصى
فيما الحكامُ فوقَ كراسي الحُكمِ يغني كلٌ ليلاه

سألَ الطفلُ المقهورُ من الطغيانْ
و هرواتِ الامن وظُلمِ السجانْ
لِمَ بوصلةُ الامةِ عمياءْ
وسيوفُ يسكنها الجبنُ على مر الايام
لا تقوى ان تذبحُ فرخةْ
الارنبُ وقت الشدةِ يحمي أُنثاه
والقطُ يقاومُ مَنّْ آذاه
الدودةُ فيها بعضُ امومةِ كالانسان
تستبسلُ حتى الموتَ دفاعاً عن باقي الديدان
إلا العربي ـ الماشوذي ـ فيستمتع بالركلةِ...
كالرعشةِ يومَ الدخلةْ
يطربُ للضربِ ويهذي كالاتراكْ
ـ أمان ربي امانْ ـ
لا عجبَ ان سقطتْ أُمتنا في الحربِ وفي الحبْ
فالدرسُ الاولُ في التاريخِ وحبِ الاوطانْ
ما أُخذ بسيفِ القوةِ لا يرجعُ الا بالقوةْ
لا بالهشتِ و لا بالعرطِ ولا بالاذعان
بالسيفِ الصارمِ نقطعُ راسَ الحيةْ
وبتكبيرةِ و امعتصماه تدّوي في الدنيا
"اللــــهُ اكبرُ... اللـــــهُ اكبرْ
حيَّ على الجهاد... حيَّ على الجهادْ"
ساعتها نوقدُ في المهدِ شموعَ العزةْ
ونضيءُ بزيتِ العشقِ العربيِ
قبةَ مســجدِنا الاقصــــى

مدونة بسام الياسين