نمو أرباح البنوك.. هل يعكس تحسن الوضع الأقتصادي ؟

اخبار البلد
اظهرت البيانات المالية للربع الأول من هذا العام نموا في ارباح العديد من الشركات المساهمة العامة بالمقارنة بالعام الماضي خاصة البنوك التي اظهرت معظمها نموا ملحوظا في ارباحها بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
لاشك ان نمو ارباح البنوك له مدلولات عديدة ، فالبنوك هي الجهات التي تقوم بتقديم التسهيلات الائتمانية والتمويل اللازم للمشاريع الأقتصادية وان نمو ارباح البنوك يعني ان التسهيلات الأئتمانية المقدمة من البنوك للمشاريع الاقتصادية قد ارتفعت كما يعني ان ايرادات الخزينة المتحققة على البنوك قد ارتفعت ايضا نتيجة زيادة الضرائب المستحقة عليها للخزينة ومنها ضريبة الدخل ، وهذا يستدعي اجراء تحليل تفصيلي يبين القطاعات الاقتصادية التي كان لها النصيب الأكبر من هذه التسهيلات.
ما يمكن التركيزعليه هنا ان الشيء المختلف هذا العام بالمقارنه بالأعوام السابقة هو ان نمو ارباح البنوك جاء على الرغم من انخفاض قيمة سندات الخزينة التي اصدرها البنك المركزي بنسبة 6% منذ بداية العام ، نتيجة التوجه الحكومي للأقتراض الخارجي من خلال سندات اليوروبوند وغيرها لتمويل عجز الموازنة بدلا من الأعتماد الأكبر على سندات الخزينة ، الأمر الذي يدلل على ان ارباح البنوك خاصة البنوك التي تتمتع بسيولة عالية ليست ناتجة في معظمها عن الأستثمار بسندات الخزينة الأردنية كما كان يتم في السنوات الماضية وانما جاءت نتيجة تمويل حقيقي لبعض المشاريع الأقتصادية ، وقد اشار مدير عام احدى البنوك الكبيرة الى ان نمو ارباح البنوك رغم انخفاض اصدارات سندات الخزينة يدل ان البنوك قد استطاعت توفير التمويل اللازم للمشاريع الأنتاجية وهذا من شأنه ان يؤدي الى تعزيز نمو الناتج المحلي الأجمالي وبالتالي تحسن الوضع الأقتصادي العام.
لاشك ان التوجه الى تمويل عجز الموازنة من الاقتراض الخارجي له فوائد عديدة على المدى القصير تتمثل في التخفيف من مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص وتعزيز احتياطي المملكة من العملات الأجنبية وقد رأينا كيف نمت ارباح البنوك وكيف تصاعدت قيمة احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية نتيجة لذلك ،لكن بالمقابل له سلبيات عديدة تتمثل في زيادة رصيد الدين الخارجي والحاجة الى زيادة قيمة المبالغ اللازمة لتسديد هذه القروض على المديين المتوسط والطويل ، وقد رأينا كيف ارتفع رصيد الدين العام ووصول نسبته الى 80%من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الماضي.
ما يمكن قوله ان نمو ارباح البنوك يعكس ان هناك ارتفاعا في اقامة المشاريع الاقتصادية وان هناك تقة في الاقتصاد الاردني وهذا يقود الى تحسن الوضع الاقتصادي، لكن يجب ان لا يغيب عن البال ان هناك سياسات واجراءات قد يكون لها اثر ايجابي على المدى القصير الا ان الاستمرار بها على المدى الطويل قد لا يحقق الهدف المنشود لذلك لابد من اجراء تقييم دوري لسياساتنا واجراءتنا الأقتصادية واجراء مفاضلة لسلبيات وايجابيات كل سياسة للوصول الى الأجراء الأمثل الذي يمكن الاقتصاد الوطني من مواجهة التحديات الاقتصادية بأقل اثار ممكنة، ويجب ان لا يغيب عن البال ان استمرار زيادة رصيد الدين العام دون اجراءات فاعلة لضبطه له اثار سلبية كبيرة على المديين المتوسط والطويل لذلك لابد من الاستمرار بالعمل على تخفيض عجز الموازنة والسعي للحصول على مساعدات اضافية لمواجهة التحديات الاستثنائية والعمل على تشجيع اقامة المشاريع الاقتصادية باعتبارها ثوابت لا يمكن تجاهلها عند اعتماد اي سياسة مالية او اقتصادية .