وزراء «جوار سورية» في الأردن .. لماذا الآن؟!
في مخيم الزعتري أكبر مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن سيعقد وزراء خارجية «جوار سورية» مؤتمرهم، يوم الأحد، والمؤتمر هو الأول من نوعه وغايته المعلنة.
عقد المؤتمر في مخيم لا يعني أي دلالالة عميقة سوى التضامن مع السوريين في محنتهم التي لا تتوقف إذ بات شعب كريم موزعا على مخيمات في كل دول الجوار، وهي مأساة مخزية تقول إن الإنسان العربي مؤهل في أي لحظة أن يصبح ساكنا في مخيم.
المفارقة أن بعض العواصم المشاركة في المؤتمر كان بإمكانها أن تكفي السوريين شر المخيمات لو لم تعبث باستقرار سورية، وهنا نقصد الاتراك تحديدا الذين لعبوا -وغيرهم- دورا مؤذيا بعدم ترك دمشق الرسمية في حالها، ولا أغاثوا الثورة بشكل يجعلها تحسم الأمور، فيما دفع السوريون الثمن لهذه اللعبة الدولية التي تستهدف أساسا تدمير بنى الدولة السورية.
الدولة هنا لا تعني النظام بل تعني الشعب ومقدراته، وهذا ما تم إنجازه عبر توظيف «ثنائية التناقض» بين النظام والثورة السورية، وادامة التطاحن في سورية دون حسم.
مؤتمر «جوار سورية» يأتي لعدة أسباب ما بين المستور والمكشوف، فالدول المتضررة من محنة اللجوء السوري تريد توحيد لغتها، من جهة إزاء التداعيات الاقتصادية والاجتماعية، لتشابه الأخطار والكلف، من حيث موجات الهجرة والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية، وكلف ادامة الإغاثة، وهي كلف تتجاوز بكثير كلف الطعام والشراب، الى الكلف الأعمق، من حيث دخول كتل سكانية جديدة الى أي بلد، وارتباطها بهذه المجتمعات، وتأثيرها العميق بنيويا على سمات اي بلد، وهذا ما نراه في الأردن تحديدا.
ما هو أهم هنا يتعلق بالتوافقات التي قد يتم الوصول اليها، من حيث التنديد المحتمل بضعف الإغاثة داخل سورية، وعدم وجود ممرات آمنة لإيصال المساعدات، عبر دول الجوار، والمعلومات تتحدث عن عراقيل واشتراطات من جانب دمشق الرسمية، في وجه القوافل الإغاثية، ولأن الكلام هنا عن الجانب الانساني، تصبح دول الجوار هي المعنية أولا بهذه المهمات الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن وان كانت ضمن شروط.
معنى الكلام ان المؤتمر قد يذهب بعيدا عن فكرة إغاثة السوريين فقط في ذات دول الجوار الى اغاثتهم داخل سورية، وهذا يعني أن ما قد يخرج عن المؤتمر أمر ليس سهلا، لأنه قد يكون توطئة لقرار دولي جديد، من اجل فتح ممرات آمنة انسانيا، عبر دول الجوار والمخاوف تنبع فعليا من تحول هذه الممرات الى شكل من اشكال التدخل الدولي، في الداخل السوري، وهناك عراقيل دولية تقف في وجه هذا التوجه.
هذا مجرد تحليل، فيما الأردن من جهة ثانية يحمل اثقالا كبيرة تحت وطأة التدفقات اليومية للجوء السوري، وقد اقترب الاردن مرارا خلال الأشهر الفائتة من اعلان قرار بإغلاق الحدود ووقف التدفقات، جرَّاء الكلف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية إلا أنه كان يتراجع تحت وطأة عوامل كثيرة.
بات الأردن يستغيث يوميا، مقابل ذلك لا يصدق الاشقاء السوريين في الاردن أن البيت الاردني ضيق بمن فيه اساسا، ويظن بعضهم أن الأردن يتكسَّب بأسمهم أو لا يوصل المساعدات بشكل صحيح.
هي مفارقة هنا، تقول ان السياسات الحكومية ادت الى هذا المشهد، فلا أرضت الأردني في بلده بهكذا سياسات اغراقية، ولا كسبت ود الشقيق السوري، الذي يشعر بتقصير من حوله وحواليه.
في كل الحالات علينا ان ندقق بنتائج هذا المؤتمر لنعرف الى اين سيأخذنا على المستوى الدولي ومستوى التدخل في الازمة السورية، فالقصة ليست قصة مساعدات وكلف لجوء فقط يعرفها الجميع، داخل دول الجوار، بل تتجاوز الى ماهو أعمق بكثير خلال الفترة المقبلة؟!.
دعونا ننتظر ما ستأتي به الأيام المقبلة.