لماذا تراجع الاقتصاد التركي؟


 

هناك اعتقاد شائع بأن تركيا تعاني من مشاكل سياسية ولكن الاقتصاد التركي في احسن حالاته، فالنمو مرتفع، والبطالة منخفضة، والمؤشرات إيجابية وفي حالة صعود.
كان الأمر كذلك في فترة سابقة، لها ظروفها، ولكن الوضع الاقتصادي الراهن في تركيا لا يثير الإعجاب.
تشير التقديرات إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في تركيا في سنة 2014 سيكون في حدود 2ر2% فقط، وأن التضخم سيكون في حدود 1ر9%، وأن معدل البطالة يتجاوز 10%، وأن العجز في الحساب الجاري سيبلغ حوالي 64 مليار دولار تشكل 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن موازنة الدولة تعاني من عجز يتراوح حول 29 مليار دولار أو 7ر2% من الناتج المحلي الإجمالي.
أما سعر الفائدة على سندات الخزينة التركية حق عشر سنوات فيبلغ 5ر10% سنوياً وهي نسبة عالية جداً، وتدل على اهنزاز الثقة بالاقتصاد التركي، ورؤية مخاطر كبيرة في مجال القدرة على السداد عند الاستحقاق، يقابل ذلك 8ر2% على السندات الأميركية، 62ر1% على السندات الألمانية بنفس الاستحقاق.
ومن المؤشرات ذات المغزى أن العملة التركية تتآكل بسرعة، فقد انخفضت قيمتها تجاه الدولار خلال 12 شهراً الأخيرة من 80ر1 ليرة للدولار قبل سنة إلى 13ر2 ليرة في الوقت الحاضر (2/4/2014) أي بنسبة 5ر15% فلا غرابة إذا ارتفع سعر الفائدة المصرفية ليزيد عن هذه النسبة مع نهاية السنة، ولا عجب إذا تحول الطلب إلى الأسهم، فارتفعت أسعارها بنسبة 2ر4% خلال الربع الأول من هذه السنة خوفاً من التضخم والمزيد من انخفاض قيمة الليرة التركية.
النجاح المؤقت الذي كان الاقتصاد التركي قد حققه قبل سنوات يتعرض الآن للنكسة تحت وقع انتشار الفساد الحكومي على أعلى المستويات، وبروز الروح الاستبدادية وحكم الفرد، واستغلال أغلبية الحزب في البرلمان لإصدار قوانين تعسفية لقمع الجيش والشرطة والمحققين والقضاء والإعلام وكل من يرفع رأسه في وجه السلطان الأوحد الذي، بعد ثلاث دورات في رئاسة الوزراء، وهي الحد الاقصى دستورياً، يريد أن يترشح لمنصب رئيس الجمهورية، شريطة أن تنتقل صلاحيات الحكم معه من رئاسة الوزراء إلى رئاسة الجمهورية وكأنها من حقوقه الشخصية.
الأرقام والتقديرات الواردة في هذا التعليق مأخوذة من مجلة الإكونوميست عدد 5-