سوري في الشتات


بالأمس في احدى محطات غسيل السيارات واستوقفني ذلك الاربعيني الذي تبين فيما بعد أنه مواطن سوري وتبادرت تلى ذهني عديد من الهواجس والمقارنات والأفكار وجالت بمخيلتي حالة هذا المسكين وغيره ممن كانوا يعيشون ملوكاً في بلادهم ينعمون بخيرات أرضهم المعطاء فلا بلدهم مديون للبنك الدولي ولا مرهون لأمريكا وسواها !!! 
لم اتمالك نفسي وتقدمت اليه وسألته انت من أين ؟ 
فأجاب : من حمص 
تأمتله مرة اخرى وقرأت تفاصيل معاناته ومدى الألم الذي يشعر به وفقدان الذات والضياع الذي يعيشه وهاجس البحث عن لقمة عيش لا تكاد تكفي سد رمقه فكيف بعائلته ومن هم تحت مسئوليته !!! 
عدتُ فسألته : أيهما أفضل الوضع عندما كنت في بلدك وعلى أرضك وببيتك ، أم الآن ؟ 
نظر الي باستغراب وكأنه قد فُتح أمامه افق بعيد من الوجع والآه ، فبادر قائلاً : لو بقينا في سوريا نأكل التراب وننام في العراء لكان افضل من أن نصبح لاجئين بلا وطن !!! 
قلت له : لكن انتم أردتم الحرية !!!! 
اجاب بتثاقل وبحجم كل ما يشعر به من همّ وحزن وكمد : 
أية حرية ؟؟!! نحن تشردنا وتبهدلنا وقتلنا وتشتتنا وضعنا ومن نادى بالحرية من خارج الحدود وفجر الاوضاع ، ما يزال ينعم براحة البال والثراء ويجمع الملايين على ظهورنا ، هم في فنادق السبع نجوم ونحن في مخيمات الشتات !!! 

شعرت أن الرجل ثارت لديه كل مشاعر الالم والغضب فحاولت أن انهي الموضوع لكنه استطرد : 
آآآخ يا استاذ لو بقينا بالفساد والرشوة وما خرجنا من بيوتنا ... كنا نعيش بهدؤ وكرامة أفضل مما نحن فيه الآن ... وبالمناسبة لو سألتَ أي سوري سيجيبك بنفس الجواب نتمنى أن نعود لبلدنا وبنفس الوضع السابق ونحن نقبل بكل ما كان ... 
نظرت اليه متأملاً من جديد وانا اشعر بالرثاء له ولغيره ممن تشردوا وضاعوا وأضحوا بلا وطن ولا كرامة ولا إنسانية ... لم أجد سوى أن اواسيه فأقول له : لا حول ولا قوة الا بالله وهذا ابتلاء من الله فاصبروا ....