مربط فرس الخلاف بين زمــــزم والاخـــــوان

حتى لا نغرق في حقيقة ما يجري بين جماعة الاخوان المسلمين وتيار زمزم، ونتوه في متابعة الوساطة للمصالحة بين الطرفين، اقول بوضوح شديد؛ ان القضية بين الطرفين ليست تنظيمية وانما سياسية، وان الفراق والطلاق يمكن ان لا تكون رجعة عنهما اذا لم يتوفر شرط الحوار السياسي، لا التنظيمي.

نعرف جيدا ان لعبة المتشددين، والصقور والحمائم، ما هي إلا فذلكات اعلامية، راقت لاطراف الصراع في الجماعة، فهضموها، وقسَّموا انفسهم على تصنيفاتها الساذجة، لكن الخلاف ـ في الاساس ـ سياسي محض يتعلق بالقضايا الوطنية الكبرى.

ولنتذكر معًا مواقف اطراف جبهة العمل الاسلامي من الانتخابات النيابية الاخيرة للمجلس السابع عشر، حيث كان موقف من يُسمّون انفسهم «الصقور» مع المشاركة في الانتخابات، بينما كان موقف «الحمائم» ضد المشاركة فيها.

هناك قضايا رئيسية لا تريد قيادة الصف الاول في جماعة الاخوان المسلمين ان تفتح حوارًا صريحًا حولها، ولا تود ان تجيب على اسئلة محورية، من وزن موقفها البرنامجي من العلاقة بين الشعبين الشقيقين الاردني والفلسطيني، وليس من زاوية العلاقة مع حماس كما تفسرها الجماعة، وكذلك موقفها النهائي من قرار فك الارتباط، وما يترتب عليه.

هنا بالضبط مربط فرس الخلاف بين جماعة تيار زمزم وبين قيادة الاخوان، حتى لا تضيع المسائل الوطنية في القضايا الخلافية اليومية.

الذي يعرف العمل الحزبي يدرك جيدا ان نشوء تكتل تنظيمي داخل الحزب الواحد، لا بد ان يحمل رؤية مختلفة عن رؤية الحزب الاساسية، ومهما كانت قوته وحجمه، فلا بد للحزب ان يأخذ موقفًا واضحًا ومحددًا حياله، والامثلة على هذه الظاهرة تكررت كثيرا في الاحزاب العربية.. يسارا ويمينا، الا انه يجب علينا تسجيل نقاط ايجابية لمصلحة احزاب اليسار التي حصرت اختلافاتها وانشقاقاتها – المؤسفة على كل حال – بطرق سلمية، وغالبا عن طريق استخدام آليات عميقة في الحوار السياسي.

ان نشوء تيار زمزم في بطن جماعة الاخوان يؤكد بما لا يقبل الشك ضرورة اجراء مراجعة جادة للسياسات، وهناك ضرورة قصوى اخرى تتعلق باهمية وجود صيغ برامجية لحل القضايا السياسية والوطنية الشائكة، مثل: الموقف من تعديل الدستور وتداول السلطة، والموقف من قرار فك الارتباط وما يترتب عليه، والعلاقة الاردنية الفلسطينية حاضرا ومستقبلا.

ان الهروب من الاستحقاقات البرامجية والسياسية لهذه العناوين الجوهرية، يمكن ان يؤدي باي حزب سياسي في الحركة الوطنية الاردنية للانزلاق الى دروب التعصب والفرقة الاقليمية والمس بالوحدة الوطنية الداخلية للحزب السياسي.

نقول هذا ونحن ندرك جيدا ان المراجعة السياسية الآن في حزب جبهة العمل الاسلامي ستكون اصعب بكثير مما كانت عليه قبل التطورات العربية الاخيرة، تحديدا في مصر، ومع ذلك (فلا بد مما ليس منه بد)، ولا سبيل الى الخروج من نفق الخلافات الدائرة، وتراشق التصريحات الصحافية باللجوء الى التصالح حول الموائد الرمضانية، وانما بفتح الملفات السياسية الصعبة، وصياغة برنامج سياسي واضح من دون غضّ الطرف عن الاستحقاقات الضرورية المطلوبة.