عمر الرزاز في بيت زمزم

استضافت المبادرة الأردنية للبناء «زمزم» الدكتور عمر الرزاز، الشخصية الوطنية المعروفة على الصعيد الاقتصادي، والمعروف أيضاً بمستواه المهني والأخلاقي، وما يتمتع به من سمعة طيبة في مستوى النزاهة والعلمية والموضوعية في الطرح والأداء.
يقول الدكتور عمر إن لجنة تقييم التخاصية لم تكن تهدف إلى حسم الجدل الأيدولوجي الذي بين الفرقاء حول الخصخصة، من حيث الفلسفة والمنهج والمبدأ، وإنما تهدف اللجنة إلى تقويم التجربة الاقتصادية التي تم اتباعها خلال السنوات السابقة، والنظر في مدى الالتزام بالقواعد والمعايير العالمية، ومن أجل النظر في مواطن النجاح ومواقع الإخفاق، ومن أجل الإشارة إلى النقاط الإيجابية وتنميتها، والإشارة إلى نقاط الضعف، والجوانب السلبية من أجل معالجتها، ووضعها بين أيدي المؤسسات المختصة وبين أيدي أصحاب القرار.
الأردن لم يكن منفرداً في سلوك مسار الخصخصة، وإنما كان الأردن ضمن أغلبية من دول العالم سلكت هذا المسلك، بوصفه أحد الاقتراحات المطروحة من أجل النهوض بالاقتصاد الأردني ومعالجة جوانب القصور والخلل بشكل جذري، حيث إن بعض الدول استطاعت أن تعالج وضعها الاقتصادي المتردي عن طريق هذا الخيار.
تقرير اللجنة اعتمد على مجموعة معايير تشمل مجموعة أسئلة، هل هناك استراتيجية واضحة للعمل، وهل تم طرح عطاء تنافسي وهل الاجراءات كانت سليمة، وهل كانت الخطوات العملية والإجرائية وفقاً لتشريعات وأنظمة واضحة ومحدودة، وفي الختام هل كان العمل يوافق الدستور، وبناء على قيام اللجنة بتطبيق هذه المعايير على تسع عشرة شركة، بين أن مسار الخصخصة في بعضها كان جيداً ومقارباً للجودة، مثل الخطوط الجوية، ومياهنا، بينما كان المسار مخيباً للآمال وحقق علامة متدنيّة جداً مثل الفوسفات وأمنية، وكانت النتائج في بعضها محققة للأهداف والغايات المطلوبة، بينما كانت النتائج في بعضها الآخر مخيبة للآمال، والحق ضرراً فادحاً، بالاقتصاد الوطني وألحق ضرراً بالمال العام، بل بعضها كان يحوي مخالفة دستورية واضحة، خاصة فيما يتعلق بمجال التعدين، إذ يفرض الدستور عرضها على مجلس النواب وهذا لم يحدث.
عوائد الخصخصة (1,76) مليار دينار، ثم استخدام (1,56) مليار دينار في تسديد الديون وشرائها ومبادلتها، وتم صرف (153) مليون دينار في مشاريع تنموية، وتم صرف (40) مليون في النفقات على عملية التحول.
أما المشكلة الأكثر وضوحاً في الاجابة عن سؤال متعلق بأثر الخصخصة على الدين العام، حيث لم يكن هناك أثر ايجابي يذكر فيما يخص هذه المسألة، إذ أن الدين العام تفاقم وبتسارع كبير، أما فيما يتعلق بالتوصيات فقد توصلت اللجنة إلى ضرورة التركيز على المصداقية والشفافية والمكاشفة، ولا بد كذلك من الحرص على تحقيق التنافسية بطريقة عادلة، وكذلك لا بد من الالتزام بالدستور نصاً وروحاً خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على مقدرات الوطن.

كما أنه لا بد من تشريع ينظم العلاقة بين القطاعين العام والخاص، كما توصي اللجنة بإنشاء صندوق وطني للإسهام في تمويل مشاريع البنية التحتية، وانشاء وحدة مختصة بمراقبة مشاريع الشراكة ومتابعتها بطريقة حثيثة، والعناية بموضوع عمل المسرحين من العمال والمتقاعدين، كما توصي اللجنة بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بالمعايير العالمية الفضلى في مجال الحوكمة وضمان الشفافية في عوائد الصناعات التعدينية.
في الختام أعتقد أن تجربة اللجنة تعد تجربة جديدة تستحق التقدير وفي الوقت نفسه أنصح أن يكون التقرير الذي تم اعداده محلاً لدراسة الباحثين والدارسين والمختصين، من أجل مزيد من التوضيح ومن أجل تصحيح المسيرة بطريقة علمية على جميع الأصعدة، وخاصة في الجامعات ومراكز الدراسات والمؤسسات الاقتصادية المختصة، ومن أجل وضعها بين يدي مجلس النواب وبين يدي الحكومة.