تقرير التخاصية.. إعادة شراء الأصول !

بالرغم من بعض التحفظات التي تضمنها تقرير لجنة التخاصية على بعض أساليب خصخصة بعض الشركات، الا أن أداء هذه الشركات بعينها وأثرها على السوق وعلى الخزينة كان أفضل مما كانت عليه قبل خصخصتها وهو ما أقر به ذات التقرير.

التقرير فتح الباب أمام خيار وحيد وهو إبطال بعض هذه العمليات دون أن يشرح الخيارات القانونية المتاحة لتحقيق هذه الغاية، لا بل أنه لم ينبه الى المحاذير ولم يلتفت الى الفوائد أو التبعات المالية والقانونية لخياره.
صحيح أن العودة عن الخصخصة ليست قضية صعبة إذ بإمكان الحكومة تأميم الشركات بجرة قلم وبإمكانها إعادة شراء بعض الأصول المباعة أو جميعها إن كان المال متوفرا، لكن كم ستكون الكلفة ؟ وماذا بالنسبة للنتائج التي قد تترتب على الإقدام على مثل هذه الخطوة ؟.
بالنسبة للنتائج الإقتصادية التي قد تترتب على مثل هذه الخطوة فهي كثيرة ومتعددة بين ما هو إيجابي وما هو سلبي، في الإيجابيات، عندما ترجع كامل أرباح الشركات الى الخزينة باعتبار أن الأرباح يمكن أن تستمر بهذا الزخم الى ما لانهاية، ، علما بأن تقارير مالية تؤكد أن العائد الحالي على الخزينة سواء كانت مباشرة (حصص) أو غير مباشرة (ضرائب ورسوم) هي أكثر مما كانت تحققه الشركات إبان كانت تحت سيطرة الحكومة، أما في السلبيات، فالسؤال الكبير عن الاستثمار سيصبح مستحيلا.
هناك فرق كبير بين التدقيق في مشاريع التخاصية، وما إن كان ثمة مال ضائع في الصفقات وثمة من هو مسؤول عن هذا الضياع، أو ثمة عمولات دفعت من تحت الطاولة وثمة من هو مسؤول عن ذلك وبين النظر الى البرنامج كمشروع إقتصادي حقق منافع عدة، وجاء في إطار سياسة إستراتيجية شمولية، يترتب على العودة عنها، التحلل من إتفاقيات دولية لم يكن الإنضمام لها سهلا كما أن نقضها لن يكون عملية سهلة كذلك.
في الشق الأهم، فإن إعادة شراء أصول شركات، صنفها دعاة العودة عن التخاصية بالثروة الوطنية التي ذهبت هدرا وهي ليس كذلك، فثمة نقطة مهمة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وهي الفرق بين سعر الشراء عند البيع واسعار اليوم عند إعادة الشراء، وهو الفرق الذي إنعكس في الفترة بين المرحلتين في نمو هذه الأصول ونمو موجودات الشركات، وهو نمو لم يكن وهميا ساهم فيه إرتفاع أسعار المنتج من جهة ومن جهة أخرى المال الذي أنفق على تحديث وتطوير أدوات الإنتاج.
كل ما ستفعله إعادة شراء الخزينة أو الضمان للأصول، هو تحويل الشركات الى خزان كبير لبطالة مقنّعة، وتحويل مجالس الادارة الى مرتع للإسترضاءات.