القهر ليس في معان فقط
رئيس بلدية معان ووجهاء المدينة ليسوا من اقطاب حزبية معارضة، ولا حتى من المسجلين على أي حراك سياسي شبابي او غيره او انهم من اقطاب الاخوان مثلا، كما انه لم يشر اليهم باعتبارهم من اتباع الشلبي ابو سياف، وهؤلاء بصفتهم الوطنية والاجتماعية عندما يشاركون بمسيرة حاشدة هتافاتها عالية، وكثيرا ما اقتربت من الخطوط الحمر فإن في الامر اكثر مما هو لافت ويستحق التمعن، وايضا ما يدفع لتكرار الاسئلة ذاتها حول حقيقة من الظالم، ومن المظلوم في معادلة عنوانها شعب وحكومة.
معان قصة مدينة لا يختلف واقعها الاقتصادي عن أي منطقة اردنية لجهة الفقر والبطالة والتهميش وفقدان الثقة بالحكومات، لكنها تختلف عنها جميعا بالفض للضيم والقهر، وتعبر عنه بلا استحياء او مهابة من احد، وأهلها مقتنعون تماما انهم اصحاب حق. وهذه المدينة الجنوبية قد تكون الاكثر حصولا على الوعود بتنمية جدية فيها، وطالما قيل عنها إنها الأكثر دلالا، وها هي تنتفض اليوم للمرة المليون من اجل ذات المطالب ونفس الاسباب التي تكلف في كل مرة موتا او جرحى ومعتقلين او مطلوبين ومطاردين. وقصتها مفتوحة بلا نهاية تلوح بالأفق لانعدامه اصلا في معان وغيرها.
قبل أشهر أعلنت الحكومة عزمها توزيع أراض على الاهالي بواقع دونم واحد لكل من هو من معان، وهذا امر يكاد يكون غير مسبوقا، كما أنه ميز بين الاردنيين، ومع ذلك رفض الهالي العرض، وأرادوا طرحه لاستفتاء عام لم يتم ولم توزع الاراضي بعد. وهي لو وزعت فعلا لما انهت مشكلة بقد ما ستفاقم الموجود اصلا. والامر يدلل على عبثية القرار الحكومي وعدم تقديره ومخاطره، وكيف انه فسر كرشوة يرفضها الناس لفطرتهم برفض الحرام، ومن جهة اخرى لانعدام المقدرة على اي استفادة منها.
الحكومة لا تدرك ان المشكلة ليست في معان او المعانية ولا أنها مشكلة البلد وكل الاردنيين المهمشين المحرومين؛ جراء جبروتها الوهمي المستند للقوة الامنية بلا استيعاب ان قوات الدرك من آبائهم اصلا. وعليها ان تفهم أن معان ليست وضعا خاصا ومثلها كل الجنوب وباقي بقاع هذا البلد الامين، ولكن ليس من العوز والجوع والقهر ايضا.