حول انتخابات «الصحفيين» ومسؤوليات المجلس الجديد
رغبت في كتابة هذا المقال، بعد انتهاء السباق الانتخابي لنقابة الصحفيين ،لكي لا يكون له أي أثر سلبي على المنافسة،وبداية أبارك للزملاء الفائزين بمركز النقيب وعضوية المجلس،وأحيي من لم يحالفهم الحظ على روحهم الرياضية،فالقاعدة الراسخة لأي ممارسة ديمقراطية ،هي القبول بما تفرزه الصناديق.
ما يميز الاعراف الانتخابية لنقابتنا عن غيرها من النقابات المهنية ، أنه يغلب عليها تاريخيا الفردية والعلاقات الشخصية والمجاملات وتدخل الوسطاء ،بعيدة عن تشكيل الكتل وطرح البرامج الانتخابية، ويحكم حملات الدعاية اسلوب «المخاجلة»، فغالبا ما يقابل المرشح بكلمات طيبة مثل « ابشر،عين خير،انشاء الله،بالتوفيق...الخ «،والله أعلم بالنوايا ! والجديد الذي ربما يخفف من الاحراج المباشر، استخدام التكنولوجيا الرقمية « الايميلات « و»المسجات» في الدعاية الانتخابية.
خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي،كانت انتخابات النقابة تحركها «ثنائية قطبية»، وكان التنافس شديدا بين « القطبين» ومؤيديهما ، الأول ما كان يعرف ب»أصحاب الصحف» والثاني «المحررين «، وكان الحراك الانتخابي يخرج أحيانا عن»الخطوط الحمر» ،والشعار الأساسي للمعركة الانتخابية في كل دورة هو ال»1%»، وهي نسبة الاعلانات التي أقرها القانون لصالح نقابة الصحفيين ، من ايرادات اعلانات الصحف الورقية ،والجدل حول تفسير هذه النسبة ،ومماطلة ادارات الصحف في دفع استحقاقات النقابة ، الى أن حسم الامر بقرار قضائي ، وأصبح «الواحد بالمئة» يضاف على قيمة الاعلان مثل ضريبة المبيعات.
وفي تلك المرحلة كان مجلس النقابة مقسم الى «كوتات» ، ثلاثة أعضاء يمثلون المحررين – القطاع الخاص، وثلاثة يمثلون اصحاب الصحف ،وثلاثة يمثلون القطاع العام- وكالة الانباء، قبل ان تشمل عضوية النقابة العاملين في الاذاعة والتلفزيون ،أما الحضور في الشأن العام والحراك السياسي ، فلم يكن على أجندة النقابة لأسباب تتعلق بتركيبتها ،بعكس النقابات المهنية الاخرى.
وفي محاولة لتغيير النمط الانتخابي ، حاول عدد من الزملاء وأنا أحدهم ،تشكيل إطار» تجمع» تحت مظلة النقابة ، لكي نتخلص من اسلوب المجاملات ،بحيث يتم الترشح والانتخاب على أساس القائمة والبرامج الانتخابية ،وفي مثل هذه الحالة يتم مواجهة المرشحين بصراحة ب»نعم او لا «، وبدون خداع ،لكن المحاولة فشلت فلم يكن من السهل كسر النمط الانتخابي السائد !
وبعد نحو 20 عاما من تلك المحاولة ،وقبل انتخابات هذا العام بأسابيع قليلة ،أطلقت مبادرة مشابهة في النقابة تحت عنوان «التجمع الشبابي «، أظن أن تأثيرها في مجريات العملية الانتخابية كان محدودا ،لكن ينبغي تشجيعها والبناء عليها ،اذ بات من الضروري إجراء تحول جوهري، في هذا السياق خلال الدورات المقبلة ، بعد ان تضخم جسم النقابة وأصبح عدد الاعضاء يزيد عن الالف، وفتح الباب بشروط سهلة لانتساب المزيد ،وفق التعديلات الاخيرة التي أقرها مجلس النواب على قانون النقابة ،لاستيعاب العاملين في الاعلام الالكتروني ومحطات الاذاعة والتلفزيون المملوكة للقطاع الخاص.
هذا التوسع في عضوية النقابة ، يترتب عليه أعباء ومسؤوليات كبيرة في رعاية أعضائها ،في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية ، وتحقيق المزيد من المكتسبات لهم، بالاضافة الى رفع سوية المهنة، والدفاع عن حرية التعبير التي هي من صلب واجبات النقابة. لكن الواقع أثبت أنه بدون تفاعل الهيئة العامة، سيبقى هناك ثغرات في أداء أي مجلس.
تعتمد النقابة في مواردها بشكل أساسي ،على نسبة» الواحد بالمئة «من اعلانات الصحف،وذلك يتطلب من مجلس النقابة الجديد التفكير بعمق، في إيجاد آلية ناجعة لاستثمار ما يتوفر في موازنة النقابة من أموال ، والتنبه الى حقيقة أن ايرادات الصحف الورقية من الاعلانات بدأت تتراجع .
Theban100@gmail.com