من قال أن مأزق معان.... اقتصادي

لنتفق ان الحاصل في محافظة معان هذه الايام، خطير جدا، وإن لم يتم احتواء شرارته، فان اسواطه ستمتد الى باقي
ارجاء المملكة.

لكن هذا لا يجعلنا ان ننكر بعض الحقائق، ونسقط بعض الاكاذيب، هنا وهناك.

معان محافظة اردنية، لا تختلف عن اربد، او جرش، او عجلون، او الزرقا، او حتى عمان العاصمة. هي مهمشة كما الاخريات، وتم المتاجرة باحلام ابنائها كما الاخريات، سلبت ثرواتها كما الاخريات. وهذا يعني ان الظلم الواقع ليس على معان الرجال وحدها بل على جميع محافظات المملكة بلا استثناء.

كذلك سيطرة الاجهزة الامنية التي جعلها البعض شماعة يعلق عليها كل ما لا يتوافق مع رؤيته، هي سيطرة ممتدة تشمل كافة ارجاء المملكة، كمواطنين، لا نعلم ولا نعرف ولم نسمع ان ثمة محافظة اردنية خارجة على القانون، وبتالي سطيرة الدولة.

في معان بعض الاسماء المتنفذة والتي اسهمت الى حد بعيد في ايصال الاموال الى هذه المواصيل، هذه الطبقة تسرح وتمرح في عمان، لكنها تعيث فسادا في معان، بل وفي الجنوب عامة، وهذه الصفة موجودة في كل محافظات المملكة، وللاسف، هؤلاء تم صنعهم وتنصيبهم شيوخا على المحافظات بواسطة اجهزة الدولة، المستفيدة الى حد بعيد من دورهم !

كذلك، البعض يقول ان محافظة معان تفتقد للمشاريع، وكان جرش وعجلون والطفيلة، وغيرها، تتكاثر فيها المشاريع، اليست هذه الصفة كذلك عامة، تشترك بها جميع محافظات المملكة.

اضافة الى ذلك، الحاصل اليوم بالاصل هو احد نتاج المؤسسة الامنية التي تعاونت خلال فترة الربيع العربي الى حد كبير مع هذه الفئات الخارجة عن القانون، اذ عمل هؤلاء على تهديد كل من يطالب بالاصلاح، ومحاربة الفساد، وقد شهدت المملكة الكثير الكثير من الحوادث التي تسببت بها هذه الفئات، المدعومة من الاجهزة، الا ان الاجهزة وبعد استتباب الامر، وهدوءه، انقلبت عليهم، بحيث تم اغلاق القنوات التي كانت تزود هذه الفئات بمياة استمراريتها. فما كان من هذه الفات الا ان انقلبت على الاجهزة الامنية ووقفت متحدية لها، ولخطوتها، مستخدمة عين الاسلوب المتبع من الجميع، في حال حصول المشاكل، اقصد هنا هو الاختباء خلف العشائر الاردنية، باعتبارها الحصن الحمائي المنيع الذي يتم اللجوء اليه وقت الخطوب والمصائب. وهذه الصفة كذلك، تشترك فيها معان مع بقية ارجاء المملكة.

كذلك، مخاوف مشروعة تبديها الدولة الاردنية واجهزتها الامنية، من تكاثر التقارير الاقليمية والدولية والتي تقول بان تنظيم القاعدة، قد يتخذ من الاردن قاعدة له، ما يعني ان اقرب المحافظات التي قد يلجئ اليها التنيظم هي محافظة معان، جراء كثرة المتشددين التكفريين فيها، اضف الى جانبها مدينة السلط، وهاتين تعدان المعقل الرئيسي لاعضاء ومنتسبي التيارات المتشددة، كما ان محافظة معان تضم عدد من اهم القيادات السلفية الاردنية وعلى رأسهم ابو سياف، والذي اطل مهددا اليوم، ومطالبا الدولة بضرورة الكشف عن اسماء المتورطين في قتل المواطن قصي الامامي من قوات الدرك، التي حاصرت المحافظة بعد تعرض عدد من مرتبات الاجهزة الامنية للاصابة بعد تبادل لاطلاق النار فيما بينهم وبين عدد من المطلوبين.

الى جانب هذا كله، يضاف موقع محافظة معان الحساس، والذي هو في الحقيقية مشكلة المشاكل بالنسبة لاجهزة الدولة وعقلها السياسي، فالمحافظة واقعة على تخوم الحدود السعودية، والى شرق اسرائيل، وبالقرب من سينا المصرية، ما قد ينتج عنها اضطرابات لا تحمد عقباها، تقود المنطقة الى الاشتعال، ان رضيت القوات الامنية وقبلت بسياسة الامر الواقع.

اخيرا: من المؤسف، بل من المحزن جدا، ان الذي يتصدر نبرة التهديد والوعيد للدولة الاردنية واجهزتها افرادها الذين هم بالاصل ابناءها، هو ابو سياف، وغيره، ومن المؤسف اكثر خروج وتداول العديد من الصور التي تظهر اعلام بعض المنظمات المتشددة، وعدد من الشباب، المدججين بالاسلحة.


من يعتقد ان مشكلة محافظة معان مجرد مأزق اقتصادي او اجتماعي لهعلاقة بالمشاريع التنموية، والوظائف، فقط، فهو لم يقرأ المشهد الحقيقي، او انه يقرا ويحاول انكاره وفق ما يراه متناسبا مع افكاره.


فلماذا نحمل الامور ما لا تحتمل، ولماذا ننكر الواقع والحقيقية المرة.

خالد عياصرة