الرسائل المعانية والطرم الحكومي

الرسائل من معان المدينة والمحافظة الهادئة ، الطيبة باهلها ما زالت تتوالى على مكاتب المسؤلين منذ 1983 ايام ازمة الشاحنات والى اليوم الذي نشهد فيه رسالة واضحة متكررة ، وفي هذه المرة ليس احتجاجا على ارتفاع اسعار الخبز او المواد التموينية ، بل تحمل نكهة خاصة تمثل مشاعر كل الاردنيين وهي التهميش والبطالة والفقر لان معان هي المحافظة الافقر في المملكة وهذا لا يعني ان باقي المحافظات تعيش نعيما، فالحال واحد .رسائل معان حملت وتحمل قصة لها اول ولكن ليس لها اخر عند الحكومة والدولة لان الدولة اعتمدت في حلولها السابقة على اما رأي الحكومة ممثلة برئيس الوزراء او بالاستماع الى المسؤلين والنواب والاعيان من ابناء معان ممن هم تحت عباءة الحكومة منذ عقود طويلة وبالتوارث الاسري وفي كل مرة تتلقى الحكومة رسالة معانية يتم الطبطبة على معالجة ما جاء فيها بالطرق اما العشائرية او الترضيات والحلول الانية بتعين احد ابناء معان في موقع او منصب متقدم بعض الشيء واحيانا اخرى بتبويس اللحى والاعتماد على طيبة اهل معان المعهودة وهكذا تمر السنون والقضايا والمشكلة الرئيسية ترحل من رئيس الى اخر حتى اليوم ، يوم الانفجار الكبير الذي لا زال في بداياته لان الكثير من القوى لم تشارك بعد في الاحداث الجارية. الرسالة المعانية اليوم مختلفة عن سابقاتها ، رسالة معان اليوم هي تعبير صادق عن مشاعر وغضب كل الاردنيين الرافضين للواقع السيء الذي يعيشه الناس من تفاقم لاعداد البطالة الى عدم الرضى من قضايا اللاجئين السوريين وخلافهم وما يشكله ذلك من ازمات للاردنيين والاردن وتعريجا على ارتفاع الاسعار المجنون وزيادة الضرائب وارتفاع الطاقة وتكاليف الحياة وبروز طبقة من الفاسدين والنهابين الذين اثروا على حساب المواطن الاردني ونتيجة مصائب الجوار والحروب الدائرة من حولنا مما افرز طبقة من بارونات البزنس السريع ساهم في اتساع الفجوة الطبقية بين مكونات المجتمع الاردني ، رسالة معان اليوم ليست خطيرة فقط لهذه الاسباب ، بل بسبب المعالجة التي لجأت اليها الحكومة مستخدمة القوة لقمع المطالبين بالعمل والانصاف ، الغاضبين من السياسات الحكومية ، فزجت وزارة الداخلية ووزيرها حسين المجالي بارتال من قوات الامن والدرك لمواجهة المحتجين بحجة مكافحة الارهابيين والشغب في المدينة ، اطلق النار والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين واستخدمت القوة بدل الحوار وتوهم وزير داخليتنا بأنه قادر على تجاوز الازمة بساعات باستخدام القوة والتهديد وتناسى ان بشار الاسد لا زال يعاني منذ اكثر من ثلاث سنوات من حرب ضروس تدور رحاها على الارض السورية نتيجة قرار متهور لجأ الى القوة سبيلا لمعالجة قضية كان بالامكان حلها بالحوار، وتناسى المجالي ان لغة القوة لا تنفع بمواجهة الاحتجاجات والغضب الشعبي ، لا بل راح الى ابعد من ذلك بالاعتقاد بانه في ساحة حرب تحتاج الى المزيد من التعزيزات فزج بقطاعات جديدة وزار المنطقة ليلتقي المسؤلين الامنيين ، لا لقاء وجهاء معان للحديث حول حل الازمة ونزع فتيل ثورة قد تبدأ من معان وتمتد لتطال الشمال والوسط في ظل اجواء شعبية مشحونة ،يبدو ان الحكومة ووزير داخليتها ما زالوا يعتقدون ان القبضة الحديدية والامنية هي الكفيلة باسكات الصوت المعاني والشعبي الاردني والذرائع توفرها الاجهزة الامنية : كمطاردة ارهابيين وخارجين عن القانون من سلفيين وغيرهم ومطلوبين و ما الى ذلك من حجج واهية . نسي او تناسى المجالي ان معان ليست خارجة على القانون واهلها هم اردنيون يدينون بالولاء والانتماء للاردن وقيادته الهاشمية ونسي او تناسى المجالي ان معان المدينة الاولى التي بايعت الملك المؤسس ومن معان انطلقت ثورة العرب الاولى الهاشمية ضد الطغيان العثماني وفي معان صدرت اول جريدة اردنية " الحق يعلو" كان يكتب فيها الملك المؤسس عبدالله الاول طيب الله ثراه وصم المجالي آذانه كما اغمض عينيه عن حقيقة وشرعية رسائل اهل معان والتي تضمنت الكثير من التلميحات كان اخرها ما تضمنه بيان رئيس بلديتها يوم الثلاثاء الماضي الذي اعلن فيه احتجاج المدينة على ممارسات قوات الامن فيها واستغرابه لجمع الوزارة والمخابرات والامن والفوسفات في المحافظة بيد ابناء عمومة واحدة مستهجنا ان تكون معان تتعرض الى مؤامرة دنيئة ، يناشد جلالة الملك لانقاذ اهل معان من هذه المؤامرة والوقوف على الحقيقة شخصيا لان المعلومات التي تصل جلالته مجزأة وغير دقيقة. نعم انها مجزأة واجزم على ذلك لانها تأتيه من اصحاب المصالح الشخصية لا الوطنية الذين يطبطبون ويخفون الحقيقة ، معان بحاجة الى مشروع تنمية شامل يمتد الى عشرات السنين ، المؤسسات السيادية في معان بحاجة الى اعادة نظر في تعين قياداتها من ابنائها ، معان تحتاج الى حوار ملكي شعبي وجهاز تنفيذي باشراف ملكي لدفع عجلة التنمية ، معان ليست بحاجة لتعين عدد من ابنائها في الامن او القوات المسلحة او الاشفاق على حالها بتخصيص دونم من اراضيها الميرية دون تقديم الادوات الضرورية لاستخدامات هذا الدونم من الارض ، معان لا تحتاج الى مكارم وعطايا آنية ومحددة بقدر حاجتها الى برامج تنموية وتأهيلية تحولها الى محافظة منتجة قادرة على النهوض ، معان بحاجة اليوم الى حلول سريعة لعل في مقدمتها استقالة وزير الداخلية وابعاد مدير مخابراتها والشرطة فيها واستبدالهم بابناء معان لتهدئة الخواطر والبدء بحوار جاد على اعلى المستويات في الدولة الاردنية مع كافة الاطياف الشعبية فيها للوصول الى بيعة جديدة تضمن لاهل معان حقهم في العيش الكريم ، معان تحتاج الآن الى آذان تصغي الى مطالبهم ومظالمهم التي تراكمت على مر العقود والايعاز بتنفيذ الممكن منها على الفور ، كل ذلك من اجل ان لا تشكل رسائل معان اساسا لانفجار شعبي كبير بعد اتساع الفجوة الطبقية وتنامي الصراع الطبقي الذي يهدد بانفجار كبير يصعب التكهن بنتائجه المستقبلية ، معان تحتاج الى الجدية في التعامل لايجاد حل جذري لكل الصعوبات والقضايا التي تعاني منها المحافظة ، ومعان اليوم بحاجة الى اهتمام ملكي قبل الحكومي لكي لا تتحول الى انبار اردنية وتورا بورا افغانية ملاذا للعصابات والتطرف ويا ليت المجالي اتخذ من حملة المالكي عبرة ودرسا قبل الاقدام والتمادي في الحل الامني ويا ليت الطرم الحكومي يزول ليحل مكانه سمع قوي لمطالب ابناء معان وابناء الاردن جميعا والله اسأل ان يجنب بلدنا المكاره ويحمي امننا واستقرارانا.