معان ساحة حرب والطفيلة تعلن العصيان المدني تضامنا
تتجه الأوضاع في مدينة معان إلى مزيد من التدهور، تؤكد ذلك بينات أهالي المدينة ومجلسها البلدي، وعدد من نواب المدينة، وكذلك بيان صدر عن جماعة الإخوان المسلمين.
ويحمل الجميع مسؤولية ما يجري إلى غياب موقف حكومي، ورواية رسمية لما يجري، واعتماد اسلوب الحل الأمني، وتواصل قتل المزيد من ابناء المدينة.. كان آخرهم المرحوم الشاب قصي سليمان الإمامي.
وفي الأمس (الثلاثاء) كان المشهد العام في معان يدلل على أنها تعيش حالة حرب..!
استنفار أمني واسع النطاق، وتجمعات مسلحين تتصدى لرجال الأمن والدرك، وإطلاق نار عشوائي.. إلى جانب اشتباكات تواصلت بين الأهالي والأجهزة الأمنية..!
ما حدث ويحدث لم يكن مفاجئا.. بل جرى التحذير منه مرارا خلال الأيام الماضية، وخصوصا منذ الخامس من نيسان/ابريل الجاري.. حين جدد المشاركون في وقفة احتجاجية نظمها ائتلاف شباب معان للحراك الشعبي وبمشاركة جماعة الإخوان المسلمين تحت عنوان "جمعة الكرامة للوطن ومواطنيه"عقب صلاة الجمعة أمام مسجد معان الكبير، مطالبتهم بحل مجلس النواب ورحيل الحكومة ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين واستعادة الأموال والمقدرات الوطنية المنهوبة".
وأكد المشاركون في الوقفة مطالبتهم بـ "قانون انتخابات عصري يرسخ الديمقراطية ويفرز مجلسا نيابيا يمثل وبشكل حقيقي الشعب الاردني الذي عانى معاناة شديدة من تخبط السياسات والقرارت الحكومية التي لن تجد الا جيب المواطن من اجل سد عجزها".
ودعوا إلى "توزيع مكتسبات وثروات الوطن بعدالة وإنصاف على جميع مناطق الوطن وإنصاف معان وإيقاف القبضة الامنية والتصفيات الميدانية ومحاسبة مرتكبيها تحقيقا للحرية والعدالة الاجتماعية والحياة الكريمة والأمن والأمان الحقيقي للوطن ومواطنيه".
ورفعوا شعارات بـ "محاكمة الفاسدين والحجز على أموالهم"، مؤكدين عزمهم على الاستمرار السلمي في مطالبهم المتمثلة في الإصلاح ومكافحة الفساد.
وطالبوا بـ"التوقف عن رفع أسعار المواد التموينية والمياه والكهرباء على المواطنين، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين".
الإعدامات الميدانية
في التاسع عشر من الشهر الجاري، حمل ابناء مدينه معان وذوي المتوفيين الشقيقين (بدر وعيسى الفناطسه) الحكومةالمسؤولية عن "الاعدامات الميدانيه التي تنفذها الحكومه خارج الاطر القانونيه وتداعيات الاحداث التي رافقت احداث جامعه الحسين بن طلال وما رافقها من تعطيل لمصالح الوطن ومواطنيه".
وطالب ابن عم المتوفيين (خالد ابو ديه الفناطسه) في اجتماع حاشد عقد في منطقه الساحة في شارع القناطر بحضور عدد من ابناء مدينه معان وبعض ممثلي التيارات الحزبيه والإسلامية الحكومة القيام بدورها المنوط بها بتطبيق القانون على الجميع وفرض هيبة الدوله واحترام كرامة مواطنيها من اجل وضع حد لهذه القضايا وتداعياتها من خلال اعلان اسماء المتسببين في قتل ابن عمه بدر الذي يبلغ من العمر 19 عاما وما زالت جثته طوال 49 يوما في ثلاجة الموتى في مستشفى البشير في ظل تهاون المسئولين في التعامل مع القضية وتداعياتها رافضا وذويه رفضا قاطعا استلام الجثة او دفنها لحين الاستجابة لمطالبهم.. مؤكدا "ضرورة قيام الحكومة بإطلاع الرأي العام على مجريات التحقيق التي قامت بها الأجهزة الأمنيه وما توصلت إليه من حقائق وبينات لكشف اسماء مرتكبي هذه الجريمة التي تتنافى مع كافه الأعراف والمواثيق الدولية".
وأكد الحاج محمود سقالله الفناطسه على "ضرورة وضع حد للحكومه المحليه وتطاولاتها الامنيه".. محذرا من أن "الوضع لا يحتمل التأخير لأن الإحتقان لدى الشارع المعاني ارتفع مؤشره ويئبنئ بالاإفجار".
تحذيرات تجد طريقها إلى أرض الواقع
وأعرب المجتمعون عن املهم بأن يكون "خندق الوطن هو ملتقاهم جميعا لان الوطن اعطانا الكثير ويجب علينا ان نعطيه اكثر".
وناشدوا الملك "التدخل لإنهاء حالة الاحتقان التي تعيشها معان المدينة والبادية في ظل وجود ايدي خفية تتلاعب بهذه القضايا هدفها المنافع الشخصية والوصول إلى المناصب الحكومية التي اصبحت الحكومة المحليه تميز بتعاملها واحترامها لأبناء المدينه مما خلق حقدا كبيرا على هذه السياسة".. مشددين على ضرورة التعامل مع الازمة التي ما زالت مفتوحة من خلال تغيير اركان الحكومة المحلية في معان وبداية صفحه جديدة تكون مبينه على الاحترام المتبادل لكي ينهض الجميع بمسؤوليته الوطنية".
وأكدوا رفضهم لأشكال الاساءة كافة "التي تتعرض لها المدينة بسبب التقارير الامنية المبينه على عدم المصداقية وتأويل الامور من قبل الحكومة المحليه التي طالبوا بتغييرها".
ويشير ابناء معان إلى ما يعتبرونه "اعدامات ميدانية نفذتها الحكومه" في معان خارجة عن الأطر القانونيه طالت ارواح سبعه من ابناء المدينه هم: الطفل راكان عصري ابو درويش واحمد مهدي العزب وعيسى ابو ديه الفناطسه واحمد خالد أبو خديجه ال خطاب وصدام فارس البواب وعابد معتوق الفناطسه وبدر ابو ديه الفناطسه منذ 18- 3-2013 لغايه مقتل بدر في9/اذار/2014.
في اليوم التالي مباشرة لإعلان هذا الموقف (20/4/2014)، أصيب 5 عناصر من قوات الدرك ومواطنان إثر إطلاق نار في حادثين منفصلين، وقع الأول أمام محكمة معان والثاني في محيط مستشفى معان الحكومي في اشتباك ما بين مجهولين وقوات الدرك".
وفرضت قوات الدرك طوقا أمنياً في محيط مستشفى معان الحكومي حيث نقل المصابون إليه، فيما تم اخلاء مصاب من الدرك الى المدينة الطبية نظرا لسوء حالته.
وقامت قوات الدرك بعمل دوريات ومتابعات في مناطق مختلف في المدينة، وتوقع الأهالي حدوث مداهمات خلال الساعات القليلة القادمة لوجود طائرة استطلاع كانت تجوب سماء المدينة.
بيان يرفض قيادة المجالية للأمن في معان
وهذا ما حدث.. وسط تواصل التصعيد في المواقف بلوغا إلى صدور بيان غير مسبوق عن ماجد الشراري آل خطاب رئيس بلدية معان الكبرى.. شبه فيه الموقف وكأن معان تحكم من قبل آل المجالي، وليس من قبل الهاشميين..!
وجاء في هذا البيان الذي صدر الإثنين الماضي (22/4/2014): "اذا كنا نحن تحت حكم آل المجالي فمن حقنا كأبناء معان ان ندافع عن أنفسنا لكوننا ولدنا أحراراً ولم نولد عبيدا ً عند اي شخص كان"..!
وأضاف البيان الناري "أما اذا نحن تحت تحكم الراية الهاشمية فإننا نتوجه إلى عميد آل هاشم جلالة الملك المفدى سليل الدوحة الهاشمية إلى إنقاذ مدينة معان من الحاقدين والمتآمرين عليها وعلى الوطن الغالي"..
وتساءل البيان "هل عجزت بطون الأردنيات عن إنجاب مسؤولين وقادة الا من ابناء المجالي..؟!".
ثم عدد البيان من يعنيهم، وهم:
١- حسين هزاع المجالي (وزير الداخلية).
2-عامر المجالي (رئيس مجلس إدارة مجلس شركة الفوسفات).
٣-العميد هاني المجالي (مدير شرطة محافظة معان).
٤-علي المجالي (مدير مخابرات معان).
٥-العميد مرتضى المجالي (قائد المنطقة العسكرية الجنوبية).
وختم البيان مخاطبا الملك، مؤكدا "إن الصورة تصلكم مجتزأة ومبتورة لا تصلكم كما يجب... فمعان التي بايعت جدكم الشريف الهاشمي حسين بن علي هي معان اليوم التي تبايع جلالتكم وكلنا أمل بالإطلاع على الأوضاع من لدن جلالتكم لترون حقيقة الوضع السيء الذي آل اليه جراء سياسات متخبطة ضد معان وأهلها".
حرب شوارع وتصورات عقلانية للحل
يوم 23 نيسان/ابريل.. اليوم التالي لصدور البيان تحولت معان إلى ساحة واسعة للمواجهات وحرب الشوارع.. بل إنه تم إعلان العصيان المدني في المدينة يومي الإربعاء والخميس، وتم الإلتزام بذلك، فيما قرر الطفايلة إعلان االعصيان المدني يوم الجمعة تضامنا مع معان.
وفي إطار هذا العصيان استقال عدد من الإعلاميين المعانيين من وسائل اعلامية دافعت عن موقف الحكومة التي لم تقل شيئا حتى الآن.
وتحدثت (الإثنين) النائب انتصار الخوالدة (نائب عن معان) في مجلس النواب قائلة "أن هناك فئة خارجة على القانون في مدينة معان تعتدي على المواطنين، وهناك ثلاثة اشخاص تم الإعتداء عليهم وهم يعانون من الشلل في منازلهم، وبالأمس تم اعتداء على خمسة من قوات الدرك".
وتساءلت الخوالده أين الأمن والأمان مضيفة "ان الأمن متواطيء".
غير أن عاطف الطراونة رئيس مجلس النواب قرر شطب اقوالها من محضر الجلسة..!
في ظل هذه الأجواء، أصدر وجهاء وشيوخ معان بيانا جددوا فيه تحذيرهم من استمرار الحكومة في 'سياستها الحالية من مداهمات للمنازل وترويع للسكان العزل وإزهاق للأرواح وسفك للدماء "في حالة من الإستقواء لم يشهد لها مثيلا من قبل الجهات الأمنية المدججة بالسلاح".
وقدم الوجهاء في بيانهم ما اعتبروه "الأسلوب الأمثل للخروج من حالة الاحتقان التي تعيشها المدينة"، حيث دعو إلى إقالة الحكومة المحلية، وتشكيل لجنة مشتركة يشارك فيها القضاء ومؤسسات المجتمع المدني للوقوف على كافة الأحداث الدامية وآخرها مقتل الشاب قصي سليمان الأمامي.
كما طالبوا بإزالة المظاهر الأمنية والتي تشكل استفزازا للمواطن، والدخول في حوار وطني مسؤول للتوصل إلى إصلاحات حقيقية عجزت حكومات متعاقبة عن تحقيقها.
واكد البيان إن تغييب الحقائق يفقد وسائل إعلامنا مصداقيتها عن تشخيص أوضاع المدينة على حقيقتها، مشددا على ان المجلس البلدي هو الممثل الوحيد لمدينة معان في متابعة شؤونها والعمل على حل قضاياها.
وبدورها، أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بيانا بإسم مكتبها الإعلامي أهابت فيه "بالجميع تقدير الموقف بمسؤولية وتغليب مصلحة الوطن وتجنب أي صدام". وقالت "بهذا الخصوص فان واجب الحكومة صاحبة الولاية العامة أن تسارع الى الإبتعاد عن مناطق الاحتكاك وسحب قوات الدرك، وافساح المجال أمام الحوار المسؤل مع وجهاء المحافظة وبمشاركة مع الشخصيات الوطنية والجهات الشعبية".
وأكد البيان على "أن المعالجات السياسية الحكيمة دليل على ثقة المسؤولين وقوة الدولة وهيبتها واما اللجوء الى القمع والعنف ومواجهة الشعب بالحل الأمني مؤشر على الضعف والعجز وضيق الأفق".
وختم البيان متسائلا "عن غياب الرواية الرسمية والموقف السياسي حتى اللحظة مع تفاقم الازمة وتطورها على حساب ارتفاع صوت التهديد الأمني الذي راح ضحيته مواطن بريء ذنبه انه مر في المنطقة وكذلك ازدياد الاحتقان المتفاقم".




