المشكلة مع الرئيس لا مع الكرسي

ليس هناك مشكلة ابدا ان تدار دولة مهما كان وزنها من على كرسي متحرك بل أستطيع الجزم أن ذلك قد يكون عنوانا إنسانيا رائعا يعكس قيما أخلاقية راقية.
من يجلس على كرسي متحرك لا يثير فينا أي شعور بالانتقاص او حتى الشفقة بل على العكس تماما نرى فيه انسانا كاملا له من الحقوق الوطنية والمدنية ما لغيره وإذا كان هناك ظرفا الزمه الكرسي سواء كان وراثيا او مرضا او حادثا فلا ينفي أن تكون لديه قدرات عقلية وذهنية متقدة وصفات إدارية او قيادية جديرة بالاحترام وربما كل منا مر به أحدهم بهذه المواصفات.
ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف فئاتهم وظروفهم لهم كافة الحقوق التي لا يمكن لأحد أن ينتقص منها او ينكرها بل هم اليوم قادرون على انتزاعها وحمايتها.
فمثلا يمكن لمن يلزم الكرسي أن ينافس على اعلى المناصب عندما يقدم برنامجا او نهجا او فكرا مقنعا بل أن يصل الى منصب الرئيس وليس ذلك بغريب في التاريخ.
يعتبر الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت-مثالا-النموذج الأبرز لذوي الاحتياجات الخاصة الذي حكم اقوى دولة في العالم من على الكرسي المتحرك وذلك لمدة اثنتا عشر سنة بين عامي (1933-1945).
الرئيس روزفلت كان من العائلات الثرية لكن فقر الناس الذي رآه في بعض مناطق الجنوب الأمريكي حرك فيه إحساسا عاليا بالمسئولية لتحسين ظروف هؤلاء فخاض الانتخابات وفاز بها وهو المصاب بالشلل منذ كان طفلا.
المهم أن الرئيس المقعد اثبت أنه جدير بالرئاسة وكان من اقوى الرؤساء واكثرهم صرامة ليحكم لثلاث فترات بصورة استثنائية لما حضي به من تقدير شعبي ولظروف الحرب العالمية الثانية آنذاك.
والمثال الاخر الذي يحظى بالتقدير والاحترام كان يمكن أن يوصف بانه راس ودماغ فقط يتحرك على كرسي وهو الشيخ احمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي أرق مضجع عدوه.
الشيخ المشلول حوّل إسرائيل الى ثكنة عسكرية ينام جنودها في الطرقات عندما كان الرد على أي استفزاز او عدوان واجبا وطنيا لا يقبل المساومة وعندما لم يكن همّ الشيخ ورفاقه منصبا او سلطة او دويلة بأي ثمن.
تعرض الشيخ للسجن المؤبد ولعدد من محاولات الاغتيال الى أن تم قصفه بأحدث الطائرات فاستشهد لكنه لم يغير او يتغير.
لو أن انسانا من ذوي الاحتياجات الخاصة خاض انتخابات على أي مستوى وفاز بها بصورة صادقة لعكسنا وجها حضاريا يقدر قيمة الانسان فهو الغاية والوسيلة في كل مكان وزمان.
لكن المشكلة تكمن في أن يبقى الرئيس في منصبه ويجتاز الفترات ويفوز دائما في الانتخابات ويمضي به قطار العمر حتى يجلس على كرسي متحرك بسبب المرض او العجز دون ان يفكر بوداع او رحيل او ترك الفرصة لتداول الأيام بين الناس ليديروا شأنهم بأنفسهم ويحتفوا بتقاعده وانجازاته.
لا يمكن ان نتجاوز الحقائق ونضع هذه النماذج معا في سلة واحدة وندعي أنها متماثلة بل أن وجه المقارنة أصلا مفقود.
آمل واحلم أن ينحاز أحدهم يوما الى شعبه والى قيم الامة الاصيلة فيحظى بحب واحترام لينصب له شعبه تمثالا او يصدر بصورته طابعا او دينارا لكن بحب لا بمرسوم كما فعل الامريكيون مع رئيسهم الأشهر بكرسيه المتحرك.
منصور محمد هزايمة الدوحة/قطر