الوضع الاقتصادي بين التفاؤل والتشاؤم


 

تقتضي الحكمة والحصافة أن يكون المسؤولون متشائمين في تفكيرهم ليحتاطوا لأسوأ الاحتمالات فلا تفاجئهم الصعوبات والعقبات، ولكن عليهم في الوقت ذاته أن يكونوا متفائلين في خطابهم إلى الناس، ليرفعوا الروح المعنوية، ويبثوا روح التفاؤل والإقدام، ذلك أن التشاؤم يجمد دوائر الاستثمار والأعمال، وبالتالي النمو، فالتشاؤم في المجال الاقتصادي يحقق ذاته.
بهذا المعنى نقف عند ثلاثة تصريحات متزامنة تقريباً، أدلى بها كل من ممثل صندوق النقد الدولي، ورئيس الحكومة الأردنية ومحافظ البنك المركزي وخلاصتها أن الاقتصاد الأردني بدأ يتعافى.
التعافي الذي يتحدث عنه هؤلاء يدور حول ارتفاع معدل النمو الاقتصادي بحيث قد يصل هذه السنة إلى 5ر3%، وانخفاض معدل التضخم بحيث لا يزيد عن 2ر3%، وارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية حيث تجاوز 5ر12 مليار دولار تغطي فترة من المستوردات تزيد عن حد الأمان، فضلاً عن توقع ارتفاع تدفقات الاستثمار والمنح الخارجية وحوالات المغتربين.
بعبارة أخرى فإن (الإدعاء) بأن الاقتصاد الأردني بدأ يتعافى له مبرراته الموضوعية والقابلة للقياس، وليس مجرد تمنيات، ومع ذلك فإن هناك معطيات أخرى تدعو للتشاؤم والتحوط لها، وفي المقدمة الوضع الملتهب في سوريا وتداعياته المحتملة على الأردن، فشل عملية السلام الأميركية وما قد تلحقها من هزات ارتدادية، وتجاوز أعداد اللاجئين السوريين طاقة الأردن على الاحتمال، واستمرار الاختلال في بعض الموازين العامة كالحساب الجاري لميزان المدفوعات، وعجز الموازنة العامة، وارتفاع المديونية.
في بعض البلدان تتوقف حالة الاقتصاد الوطني على السياسات التي تأخذ بها الحكومة، فهي قـادرة على التأثير إيجاباً وسلباً. ليس الحال كذلك في الأردن، فالعوامل الخارجية تلعب دوراً هامأً لا يقل أهمية عن الدور الذي تلعبه السياسات الحكومية.
الظروف الخارجية -الإقليمية والدولية- ليست تحت السيطرة، ولكن الموقف منها قرار وطني داخلي. وفي كثير من الحالات استطاعت السياسة الحكيمة أن تحول الظروف السيئة إلى مكاسب أو في الحد الأدنى الحد من تأثيراتها السلبية.
يبقـى أن تقتنع أغلبية أكبر من الأردنيين بأن البلد يسير بالاتجاه الصحيح، وأن الأوضاع الاقتصادية لن تسوء بل سوف تتحسن، وأن الحكومة قادرة على تحمل المسؤولية.