دعم المحروقات ... تكاليف غير مبرّرة

انشغلت دائرة ضريبة الدخل والمبيعات بإدارة عملية صرف الدعم بدل المحروقات، وتحولت من ذراع رئيسة لتحصيل حقوق المالية العامة من الشركات والمؤسسات والأفراد الى ذراع للتدقيق بصرف ما يسمى بدل رفع اسعار المحروقات قبل اكثر من عام، وخلال الاسابيع القليلة الماضية تصدرت عناوين الصحف و وسائل الإعلام المختلفة قضايا صرف الأموال لمستحقي الدعم المقدر بـ 191.8 فلس للفرد المستحق يوميا، وبحسب المعايير الجديدة للدعم فقد تم (تخريج) عشرات آلاف من الأسر لعدم تلبيتهم لهذه المعايير، والأغرب في ذلك مجموعة البيانات التي أعدت لاستكمالها من المواطنين، وتم تقسيمهم ضمن رزم يشار اليها بالحرف

( أ،ب،ج ...الخ )، أي أننا ادخلنا مؤسسة مهمة بالنسبة لدورها واختصاصها في أدوار بعيدة عنها، واشغلنا المواطنين بقضايا هي كمن يدور في حلقة مفرغة.
وبحسب حسابات التكاليف والضرائب فإن نسبة الضريبة على مادتي الكاز والديزل تبلغ (13.45%، 11.47%) على التوالي، أما البنزين فإن نسبة الضريبة عليه تبلغ
(69.84%)، أي أن ما تحصل عليه الخزينة من ضرائب من الكاز والديزل ليست كبيرة، وهذا يعني ان هناك امكانية لتقديم خيارات افضل بدل الدخول في عملية جدلية بالنسبة للدعم بدل المحروقات، وذلك بتخفيض اثمان نقل الركاب بنسبة ( 10 الى 15 ) في المائة، وهذه وحدها كفيلة بتعويض اصحاب الدخول المتدنية، وتعفي دائرة الدخل والمبيعات من إجراءات وصداع مستمر، ويكفي ان نشير في هذا السياق الى ان 20 الف اعتراض تم تقديمها للدائرة، وربما هناك عدد مماثل يحرص على ماء الوجه ولا يراجع الدائرة.
أما دعم اسطوانة الغاز المنزلي فهو محدود، ولايتجاوز ( 500 - 650 ) فلسا للاسطوانة الواحدة، وينخفض هذا الدعم طوال (8 - 9 ) اشهر من السنة، أما خلال فصل الشتاء فيرتفع قليلا نظرا لارتفاع الطلب المحلي والعالمي على الغاز لغايات الاستخدامات المنزلية، أي أن مسألة دعم المحروقات يفترض أن تكون أصبحت خلفنا، وان الخزينة تحصل على مبالغ مجزية على شكل ضرائب عادية بخاصة على المحروقات.
إن إشغال اكثر من مليوني مواطن بالحصول على الدعم بدل رفع الضرائب على المنتجات البترولية امر غير حضاري وغير منطقي، وان على السلطات المالية البحث عن طرق افضل، إما بتخفيض اسعار نقل الركاب، او صرف بدل الدعم ضمن رواتب القطاع العام والمتقاعدين بالاستناد الى رواتبهم بعد التدقيق، اما موظفو شركات القطاع الخاص فيمكن ايجاد حلول منها صرف بدل رفع اسعار المحروقات وخصمها إما من ضريبة الدخل او المبيعات، وبالنسبة للأسر والافراد الذين يتلقون الاموال من صندوق المعونة الوطنية فيمكن صرف مخصصات اضافية لهم تعادل قيمة بدل الدعم، وهذه الآلية يمكن ان تنهي اشغال موظفي دائرة الضريبة والدخل في هذا الملف الجدلي، وفتح مكاتب لمراجعة المواطنين الذين لا يمكن ايصال الدعم اليهم...الادارة الحصيفة تلك التي تنجز الأعمال دون صخب أو جدل بيزنطي.